الإعراض إلى الإقبال لو تفكروا، ومن ثم قال في الآية الثالثة وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ فالآيات هذه تعالج الإعراض، وتعالج الكفر، وفي ذلك مظهر من مظاهر صلة هذه الآيات بالسياق، وفي لفت النظر إلى هذا تعريف على الله وكمال قدرته وعظمته وفي ذلك رد لما زعموه في حق الله من الولد وتقرير لوجوب توحيده وعبادته، وهذا مظهر من مظاهر الصلة في السياق ومثقف هذا العصر يدرك أن ذكر هذه الآيات في هذا السياق هو أعظم رد على قولهم عن القرآن بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ إن كتابا يتحدث عن السماوات والأرض كما رأينا في الآيات الأربع لا يمكن أن يكون كما وصفوه، بل لا يمكن أن يكون إلا من عند الله، وإذن فهذه الآيات إذ تعرض مظهرا من مظاهر عظمة الله، ترد على من زعم أن لله ولدا وتذكر بوحدانيته وضرورة عبادته، وترد على ما زعمه الكافرون عن هذا القرآن، وتؤكد علم الله المحيط كما أنها توقظ من الغفلة، وتخرج من الإعراض، ولذلك صلة بما سبق من السورة.
وإذا تأملنا المجموعة الثالثة وهي التي استقرت على الآيات الأربع، وبحثنا عن صلتها بمحور سورة الأنبياء من سورة البقرة إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ فإننا نلاحظ أن أول آية في الآيات الأربع ختمت بقوله تعالى أَفَلا يُؤْمِنُونَ والآية الثالثة منها ختمت بقوله تعالى وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ فالآيات تقرر أن الكافرين في وضع من قيام الحجة عليهم لا يبقى معه مبرر لكفرهم، ومع ذلك فهم في وضع نفسي يبعدهم عن الإيمان لإعراضهم عن الآية وما تشير إليه وما تدل عليه.