للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - رأينا أن السورة بدأت بقوله تعالى اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ وقبيل نهاية السورة جاء قوله تعالى حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ* وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يا وَيْلَنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ وإذن ففي أواخر السورة كان حديث عن علامة من علامات الساعة، وهي خروج يأجوج ومأجوج، والذي نحب أن نذكره هنا بهذه المناسبة:

أ- خروج يأجوج ومأجوج الذي هو علامة على قيام الساعة وهو خروجهم زمن نزول المسيح عليه السلام، ومجيئهم إلى بلاد الشام وقتذاك، وإنزال الله بهم عذاب الاستئصال في هذه البلاد.

ب- فهم الكثير أن قوله تعالى حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ أن المراد بكلمة فُتِحَتْ الانهدام الحسي للسد الذي بناه ذو القرنين واللفظ القرآني يحتمل هذا المعنى ويحتمل غيره، وإذ رأينا في عصرنا أنه لا يحول بين الناس الذين هم مظنة أن يكونوا يأجوج ومأجوج سد، تعين أن نحمل كلمة فُتِحَتْ على معناها الآخر، وهي انفتاح هؤلاء الناس على العالم، واجتياحهم له، وخاصة أرض الشام، حيث يكون هلاكهم، والذي يرجح هذا المعنى أنه ليس في كل الأحاديث التي رويت في شأنهم ما يشير إلى أن خروجهم ذلك مرتبط بانهدام السد الحسي فمثلا خذ مجموعة الأحاديث التي ذكرها ابن كثير في هذا المقام والتي سننقلها لك تجد التعابير الآتية:

«تفتح يأجوج ومأجوج فيخرجون على الناس فأوحى الله إلى عيسى ابن مريم عليه السلام أني أخرجت عبادا من عبادي لا يدان لأحد بقتالهم» «فعند ذلك يخرج يأجوج ومأجوج ... »

فأنت ترى أن هذه الألفاظ لا تفيد أن خروجهم له علاقة بانهدام سد حسي، إن يأجوج ومأجوج كما قال ابن كثير: (من سلالة آدم عليه السلام، بل هم من نسل نوح أيضا من أولاد يافث أي أبي الترك، والترك شرذمة منهم تركوا من وراء السد الذي بناه ذو القرنين) وفي حديث رواه الإمام أحمد سننقله في الفائدة المقبلة يصفهم عليه الصلاة والسلام «عراض الوجوه، صغار العيون، صهب الشعاف، من كل حدب ينسلون كأن وجوههم المجان المطرقة».

<<  <  ج: ص:  >  >>