للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد يصيب المؤمنين، والدرس الذي نستفيده من الآيات هو أن ما دام هناك قسوة قلب، ومرض قلب، فللشيطان سبيل إلى فتنة الإنسان، ومن ثم فإن أول ما ينبغي أن يعالجه المربون هو مرض القلب وقسوته، ومرض القلب النفاق، وقسوة القلب مرض غير النفاق، ولا يتخلص الإنسان من النفاق وقسوة القلب إلا ببذل جهد ذاتي لذلك، فمهما كان المربي قويا إذا لم تواته همة المريد فلا فائدة، ومن ثم فإن على المسلم أن يبتعد عن كل شئ يقسي القلب .. ككثرة الكلام الذي لا فائدة منه «لا تكثر الكلام بغير ذكر الله فإن الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب، وأبعد القلوب من الله القلب القاسي وككثرة الضحك فإنها تميت القلب، وكمجالسة أهل الدنيا بلا ضرورة، ولا بد للمسلم أن يبتعد عن كل أسباب النفاق من محبة الظالمين وموالاتهم، ومودتهم، وطاعتهم ..

٤ - بمناسبة قوله تعالى: وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ* لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ. قال ابن كثير: (فأما من قتل في سبيل الله من مهاجر أو غير مهاجر فإنه حي عند ربه يرزق كما قال تعالى: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (آل عمران: ١٦٩) والأحاديث في هذا كثيرة كما تقدم، وأما من توفي في سبيل الله من مهاجر أو غير مهاجر فقد تضمنت هذه الآية الكريمة مع الأحاديث الصحيحة إجراء الرزق وعظم إحسان الله إليه، روى ابن أبي حاتم عن شرحبيل بن السمط أنه قال: طال رباطنا وإقامتنا على حصن بأرض الروم، فمر بي سلمان- يعني الفارسي- رضي الله عنه، فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

«من مات مرابطا أجرى الله عليه مثل ذلك الأجر، وأجرى عليه الرزق وأمن من الفتانين» واقرءوا إن شئتم وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ* لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ وروى أيضا عن همام أنه سمع أبا قبيل وربيعة بن سيف المعافري يقولان: كنا برودس ومعنا فضالة بن عبيد الأنصاري- صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم- فمر بجنازتين إحداهما قتيل والأخرى متوفى فمال الناس على القتيل فقال فضاله: ما لي أرى الناس مالوا على هذا وتركوا هذا؟ فقالوا: هذا القتيل في سبيل الله، فقال: والله ما أبالي من أي حفرتيهما بعثت اسمعوا كتاب الله وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا حتى بلغ آخر الآية).

<<  <  ج: ص:  >  >>