للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فمجموع هذه الآيات من سورة البقرة هي محور سورة المؤمنون مع ملاحظة أن هذه الآيات آتية في حيز قوله تعالى يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ولذلك فإنك تجد آثار ذلك في السورة:

وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ... فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ ... فالسورة تفصل في محورها الآتي ضمن حيز محدد، وكما تفصل في المحور فإنها تفصل في امتداداته، لتكون مع ما قبلها مقدمة لسورة النور، التي تفصل محورا في أعماق سورة البقرة.

سنرى أن سورة النور ستتحدث عن أحكام تطالب بها الأمة المسلمة، وستتحدث عن أحكام لها صلة بالنظام الاجتماعي للأمة المسلمة، ولذلك ولغيره فإننا نجد أن سورتي الأنبياء والمؤمنون تحدثتا عن وحدة الأمة الإسلامية خلال العصور: إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ* وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ* فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً إن السورتين تتحدثان عن وحدة الأمة الإسلامية خلال العصور وتنكران موضوع تقطيع أمر الأنبياء والأخذ ببعضه وترك بعضه، كمقدمة لسورة النور التي تفصل في قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً أي في الإسلام جميعا.

*** جاءت سورة طه فتحدثت في سياقها الرئيسي عن الإيمان بالقرآن كجزء من التقوى وجاءت سورة الأنبياء فحذرت من موقف الكافرين من القرآن، مما يتنافى مع التقوى، وجاءت سورة الحج لتحمل بصيغة الإنذار على الطريق إلى التقوى، والآن تأتي سورة المؤمنون لتبشر وتستخرج عواطف الشكر، وتذكر لتؤدي دورها في التحرير من طرق الضلال بالتذكير والتعليم والتربية والتوضيح والتنوير، وكل ذلك مقدمة للمطالبة بكثير من الأحكام الإسلامية التي يقتضي القيام بها الدخول في الإسلام كله كما سنرى في سورة النور إن شاء الله.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>