للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فليغمض، ...... وعن عطاء بن أبي رباح أيضا مرسلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك حتى نزلت هذه الآية، والخشوع في الصلاة إنما يحصل لمن فرغ قلبه لها، واشتغل بها عما عداها، وآثرها على غيرها، وحينئذ تكون راحة له وقرة عين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والنسائي عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال «حبب إلي الطيب والنساء وجعلت قرة عيني في الصلاة» وروى الإمام أحمد عن رجل من أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا بلال «أرحنا بالصلاة» وروى الإمام أيضا أن محمد بن الحنفية قال: دخلت مع أبي على صهر لنا من الأنصار فحضرت الصلاة فقال يا جارية ائتني بوضوء لعلي أصلي فاستريح، فرآنا أنكرنا عليه ذلك، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قم يا بلال فأرحنا بالصلاة» أقول: ورد في الحديث «أول علم يرفع من الأرض الخشوع» فالخشوع في الحقيقة علم، إذ هو أثر عن صلاح القلب، وصلاح القلب علم عظيم جليل، وقد فصلنا ذلك في كتابنا (تربيتنا الروحية).

٢ - من الملاحظ أن هذه السورة مكية والزكاة المعروفة لدينا حاليا فرضت في المدينة قال ابن كثير في توضيح هذا (الأكثرون على أن المراد بالزكاة هاهنا زكاة الأموال، مع أن هذه الآية مكية، وإنما فرضت الزكاة بالمدينة في سنة اثنتين من الهجرة، والظاهر أن التي فرضت في المدينة إنما هي ذات النصب والمقادير الخاصة، وإلا فالظاهر أن أصل الزكاة كان واجبا بمكة قال تعالى في سورة الأنعام وهي مكية وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وقد يحتمل أن يكون المراد بالزكاة هاهنا زكاة النفس من الشرك والدنس كقوله قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها وكقوله وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ على أحد القولين في تفسيرها، وقد يحتمل أن يكون كلا الأمرين مرادا وهو زكاة النفوس، وزكاة الأموال، فإنه من جملة زكاة النفوس، والمؤمن الكامل هو الذي يفعل هذا وهذا، والله أعلم).

أقول: إن كون السورة مكية، وكونها ذكرت الزكاة في المحل الذي تذكر فيه دائما فذلك دليل على أن منزل هذا القرآن واحد، إذ ما كان القرآن ليكون على مثل هذه الوحدة مع نزوله مفرقا منجما خلال ثلاث وعشرين سنة لولا أنه من عند الله.

٣ - بمناسبة قوله تعالى وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ* إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ قال ابن كثير: (وقال ابن جرير ....... عن قتادة أن امرأة اتخذت مملوكها وقالت:

<<  <  ج: ص:  >  >>