للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦ - وبمناسبة قوله تعالى أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ قال ابن كثير: (وثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس؛ فإنه أعلى الجنة، وأوسط الجنة ومنه تفجر أنهار الجنة، وفوقه عرش الرحمن» وروى ابن أبي حاتم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما منكم من أحد إلا وله منزلان منزل: في الجنة ومنزل في النار، فأما المؤمن فيبني بيته في الجنة، ويهدم بيته الذي في النار، وأما الكافر فيهدم بيته في الجنة ويبني بيته الذي في النار» وروي عن سعيد بن جبير نحو ذلك، فالمؤمنون يرثون منازل الكفار لأنهم خلقوا لعبادة الله تعالى وحده لا شريك له، فلما قام هؤلاء المؤمنون بما وجب عليهم من العبادة، وترك أولئك ما أمروا به مما خلقوا له، أحرز هؤلاء نصيب أولئك لو كانوا أطاعوا ربهم عزّ وجل، بل أبلغ من هذا أيضا وهو ما ثبت في صحيح مسلم عن أبي بردة عن أبي موسى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يجئ الناس يوم القيامة من المسلمين بذنوب أمثال الجبال، فيغفرها الله لهم، ويضعها على اليهود والنصارى» (أقول: هذا الحديث تفسره الرواية اللاحقة) وفي لفظ له قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان يوم القيامة دفع الله لكل مسلم يهوديا أو نصرانيا، فيقال: هذا فكاكك من النار، فاستحلف عمر بن عبد العزيز أبا بردة بالله الذي لا إله إلا هو ثلاث مرات أن أباه حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك قال فحلف له، قلت: وهذه الآية كقوله تعالى تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا وكقوله وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وقد قال مجاهد وسعيد بن جبير: الجنة بالرومية هي الفردوس، وقال بعض السلف لا يسمى البستان الفردوس إلا إذا كان فيه عنب، فالله أعلم).

٧ - ولنختم هذه الفوائد بما بدأ به ابن كثير الكلام عن آيات هذه المجموعة قال:

(روى الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: كان إذا نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي يسمع عند وجهه كدوي النحل، فلبثنا ساعة فاستقبل القبلة ورفع يديه وقال «اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا واعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وارض عنا وأرضنا- ثم قال- لقد أنزل علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة» ثم قرأ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ حتى ختم العشر، ورواه الترمذي في تفسيره والنسائي في الصلاة من حديث عبد الرازق به، وقال الترمذي: منكر، لا نعرف أحدا رواه غير يونس بن سليم ويونس لا نعرفه، وروى

<<  <  ج: ص:  >  >>