للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من قبل في سورة الحجر: إن الآيات الثلاث الأولى من محور سورة المؤمنون هي:

وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيها خالِدُونَ* إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ* الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ ولقد رأينا أن المجموعة الأولى من سورة المؤمنون فصلت في ذلك كله: فلقد ذكرت أخلاق المؤمنين، ومن أخلاقهم العمل الصالح، وحددت

أنواعا من العمل الصالح ومن ذلك العمل المقابل لأخلاق الفاسقين، فالفاسقون ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه، والمؤمنون لعهدهم راعون، والفاسقون يقطعون ما أمر الله به أن يوصل، وهؤلاء يفون بالعهود، والفاسقون يفسدون في الأرض، وهؤلاء يحفظون فروجهم، ويؤدون أماناتهم، ولنلاحظ أن الآيات الثلاث بدأت بقوله تعالى وَبَشِّرِ وانتهت بقوله تعالى أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ. لاحظ الصلة بين هذه البداية والنهاية، وبين قوله تعالى قَدْ أَفْلَحَ فإن فيها بشارة، وإن الفلاح يقابل الخسارة، وبعد الآيات الثلاث في سورة البقرة يأتي قوله تعالى في الإنكار على من كفر، وفي التدليل على الإيمان كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ* هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ وسنرى أن آيات المجموعة الثانية تفصل هاتين الآيتين، للتدليل على الإيمان واستخراج عواطفه، مع فارق هو أن الآيتين ردتا على الكفر من خلال الإنكار والتقرير وهنا دعت هذه المجموعة إلى الإيمان من خلال التقرير فلنر المجموعة الثانية.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>