ما أمر الله به أن يوصل والإفساد في الأرض.
وجاءت المقاطع الخمسة اللاحقة لتعمق هذا كله.
فمن خلال مقطع آدم عليه السلام اتضحت أمور، ومن خلال مقطع بني إسرائيل اتضحت أمور، ومن خلال مقطع إبراهيم اتضحت أمور، ومن خلال مقطع القبلة اتضحت
أمور، ومن خلال مقطع الذكر والصبر والشكر وترك الكفران اتضحت أمور. وكلها تعمق قضايا مرتبطة في المقطع الأول، وفي المقدمة، وتمهد لمرحلة قادمة نراها في القسم الثاني من أكل الحلال في الأرض إلى الحج.
ولئن دل القسم الأول على الطريقين. فإن القسم الثاني في أغلبيته، سيكمل الدلالة على طريق المتقين.
ولأمر ما، فإن المقطع الأول من القسم الثاني ينتهي بآية البر، التي هي تلخيص لكل ما سبقها في شأن التقوى- مما عمق السياق الطويل لسورة البقرة ليكون ذلك قبل جولة جديدة تتحدث عن القصاص كطريق للتقوى. وعن الصيام كطريق للتقوى.
وإذا كانت مقدمة سورة البقرة واضحة الصلة مع الفاتحة من خلال كلمة الهداية:
ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ. وإذا كان القسم الأول من سورة البقرة واضح الصلة بالفاتحة من خلال كلمة العبادة يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ إِيَّاكَ نَعْبُدُ.
فإن القسم الثاني واضح الصلة بالفاتحة من خلال كلمة الشكر:
وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ.
وهكذا يأتي سياق سورة البقرة مفصلا لشئون وردت في سورة الفاتحة. ومبينا، حكمة تسلسل ورود المعاني فى سورة الفاتحة على نظامها المعروف.
ولعل ما ذكرناه في هذه الكلمة يصلح في الوقت نفسه تمهيدا للبدء في الكلام عن القسم الثاني من أقسام سورة البقرة فلننتقل إليه:
مر معنا فيما مضى تفسير مقدمة سورة البقرة والقسم الأول منها، وقد رأينا أن المقدمة