وجاءت في هذا القسم آية البر، وفيها تعريف مفصل للمتقين. ولذلك ختمت بقوله تعالى: وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ. ثم جاء بعدها آيات القصاص كطريق مساعد لإقامة التقوى في المجتمع. ثم جاءت آيات الوصية لتدل على حق على المتقين. ولذلك ختمت بقوله تعالى: حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ. ثم جاءت آيات الصيام لتدل على طريقين للتقوى. ثم تأتي آية فيها المنع عن الرشوة، وذلك من التقوى. ثم تأتي آية السؤال عن الأهلة، ودخول البيوت من غير أبوابها؛ وفيها: وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى .. وَاتَّقُوا اللَّهَ ... ثم آيات في القتال والإنفاق وفيها: وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ثم تأتي آيات في الحج والعمرة وفيها: وَاتَّقُوا اللَّهَ. وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ. وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى وَاتَّقُوا اللَّهَ.
ثم تأتي مجموعة الختام وفيها: وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ.
إن القسم الثاني يكمل القسم الأول. ويكمل مقدمة سورة البقرة في الدلالة على التقوى أركانا وطريقا واستقامة. ومن خلال القسم الأول والثاني، نعرف محل أركان الإسلام الخمسة في قضية التقوى. فالملاحظ أن مقدمة سورة البقرة ذكرت من أركان الإسلام: الإيمان والصلاة والإنفاق. أي الشهادتين والصلاة والزكاة. وذكر القسم الثاني من أركان الإسلام:
الصوم والحج. وكان الحج آخر ما ذكر في القسم الثاني من الأركان وبعد ذلك يأتي القسم الثالث الذي يأمر بالدخول في الإسلام كله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً أي في الإسلام جميعا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ.
وفي ذلك كله مظهر من مظاهر وحدة السورة وتكامل معانيها، وارتباط بعضها ببعض. ومظاهر الإعجاز في ذلك لا تخفى.
كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ.
ومن ورود كلمة: يا أَيُّهَا النَّاسُ* مرتين فقط في سورة البقرة: ندرك أن الإسلام يخاطب الناس كل الناس بأوليات محددة. حتى إذا استجابوا خوطبوا بتفصيلات أخرى.
من هذه الأوليات: العبادة، والتوحيد، وأكل الحلال، وعدم اتباع خطوات الشيطان وهذا