٤ - بمناسبة قوله تعالى وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ قال ابن كثير:
(قال وهب بن منبه: أوحى الله إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له شعياء، أن قم في بني إسرائيل فإني سأطلق لسانك بوحي، فقام فقال: يا سماء اسمعي، ويا أرض أنصتي، فإن الله يريد أن يقضي شأنا، ويدبر أمرا هو منفذه، إنه يريد أن يحول الريف إلى الفلاة، والآجام في الغيطان، والأنهار في الصحارى، والنعمة في الفقراء، والملك في الرعاة، ويريد أن يبعث أميا من الأميين، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب في الأسواق لو يمر على السراج لم يطفئه من سكينته، ولو يمشي على القصب اليابس لم يسمع من تحت قدميه، بعثته بشيرا ونذيرا لا يقول الخنا، أفتح به أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا، وأسدده بكل أمر جميل، وأهب له كل خلق كريم، وأجعل السكينة لباسه، والبر شعاره، والتقوى ضميره، والحكمة منطقه، والصدق والوفاء طبيعته، والعفو والمعروف خلقه، والحق شريعته، والعدل سيرته، والهدى إمامه، والإسلام ملته، وأحمد اسمه، أهدي به بعد الضلالة، وأعلم به من الجهالة، وأرفع به بعد الخمالة، وأعرف به بعد النكرة، وأكثر به بعد القلة، وأغني به بعد العيلة، وأجمع به بعد الفرقة، وأؤلف به بين أمم متفرقة، وقلوب مختلفة، وأهواء مشتتة، وأستنقذ به فئاما من الناس عظيما من الهلكة، وأجعل أمته خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، موحدين مؤمنين، مخلصين مصدقين بما جاءت به الرسل.» رواه ابن أبي حاتم.
أقول: يبدأ سفر أشعيا الموجود حاليا بهذه الكلمات:
(اسمعي أيتها السموات واصغي أيتها الأرض، لأن الرب يتكلم) الإصحاح الأول، وفي الإصحاح الحادي والأربعين نجد العبارات التالية:(أفتح على الهضاب أنهارا. وفي وسط البقاع ينابيع. أجعل الفقر أجمة ماء. والأرض اليابسة مفاجر مياه. أجعل في البرية الأرز والسنط والآس وشجرة الزيت. أضع في البادية السرو والسنديان والشربين معا)(قد أنهضته من الشمال فأتى من مشرق الشمس يدعو باسمي يأتي على الولاة كما على الملاط وكخزاف يدوس الطين) وفي الإصحاح الثاني والأربعين:
(هو ذا عبدي الذي أعضده، مختاري الذي سرت به نفسي وضعت روحي عليه فيخرج الحق للأمم، لا يصيح ولا يرفع ولا يسمع في الشارع صوته قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة خامدة لا يطفئ، إلى الأمان يخرج الحق لا يكل ولا ينكسر حتى يضع