وكل بنيك تلاميذ الرب وسلام بنيك كثيرا. بالبر تثبتين بعيدة عن الظلم فلا تخافين وعن الارتعاب فلا يدنو منك. ها إنهم يجتمعون اجتماعا ليس من عندي. من اجتمع عليك فإليك يسقط. ها أنا ذا قد خلقت الحداد الذي ينفخ الفحم في النار ويخرج آلة لعمله وأنا خلقت المهلك ليخرب.
كل آلة صورت ضدك لا تنجح وكل لسان يقوم عليك في القضاء تحكمين عليه.
هذا هو ميراث عبيد الرب وبرهم من عندي يقول الرب).
٥ - عند قوله تعالى وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً نحب أن نقف عدة وقفات:
أ- إن هذا الوعد قد تحقق لهذه الأمة، وهو مستمر لكل من تحقق بمواصفات الاستخلاف، لما ثبت في الصحيحين من غير وجه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
«لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم، إلى يوم القيامة. وفي رواية: حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك. وفي رواية- حتى يقاتلوا الدجال- وفي رواية- حتى ينزل عيسى ابن مريم وهم ظاهرون» قال ابن كثير: وكل هذه الروايات صحيحة ولا تعارض بينها.
ب- إن الاستخلاف والتمكين والأمن لا تكون إلا بعد خوف، واستمرار على الحق، واستمرار على الإيمان والعمل الصالح، حتى يأتي النصر، والذي نلاحظه أن كثيرا من المسلمين إذا جاء الخوف تركوا وانعزلوا، وأن كثيرين ليسوا متحققين بشروط الاستخلاف، ومن ثم نرى أن النصر يبطئ على حملة دعوة الله، والرجاء من أهل الإسلام أن يتحققوا ويستمروا.
ج- في هذه الآية معجزة من معجزات القرآن؛ إذ أنها تحدثت عن غيب ووقع.
قال ابن كثير: (هذا وعد من الله تعالى لرسوله صلوات الله وسلامه عليه، بأنه سيجعل أمته خلفاء الأرض، أي أئمة الناس، والولاة عليهم، وبهم تصلح البلاد، وتخضع لهم العباد، وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا، وحكما فيهم، وقد فعله تبارك وتعالى، وله الحمد والمنة: فإنه صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى فتح الله عليه مكة وخيبر والبحرين