عني، فسألت أبي ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: قال «كلهم من قريش» ورواه البخاري من حديث شعبة عن عبد الملك بن عمير به، وفي رواية لمسلم أنه قال ذلك عشية رجم ماعز بن مالك، وذكر معه أحاديث أخر، وفي هذا الحديث دلالة على أنه لا بد من وجود اثني عشر خليفة عادل، وليسوا هم بأئمة الشيعة الاثنى عشر؛ فإن كثيرا من أولئك لم يكن لهم من الأمر شئ، فأما هؤلاء فإنهم يكونون من قريش، يولون فيعدلون، وقد وقعت البشارة بهم في الكتب المتقدمة، ثم لا يشترط أن
يكونوا متتابعين، بل يكون وجودهم في الأمة متتابعا ومتفرقا، وقد وجد منهم أربعة على الولاء، وهم: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي رضي الله عنهم، ثم كانت بعدهم فترة، ثم وجد منهم من شاء الله، ثم قد يوجد منهم من بقي في الوقت الذي يعلمه الله تعالى، ومنهم المهدي اسمه يطابق اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنيته كنيته، يملأ الأرض عدلا وقسطا، كما ملئت جورا وظلما. قد روى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي من حديث سعيد بن جمهان عن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«الخلافة بعدي ثلاثون سنة، ثم تكون ملكا عضوضا» وقال الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً الآية قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بمكة نحوا من عشر سنين، يدعون إلى الله وحده، وإلى عبادته وحده لا شريك له سرا، وهم خائفون لا يؤمرون بالقتال، حتى أمروا بعد بالهجرة إلى المدينة، فقدموها فأمرهم الله بالقتال، فكانوا بها خائفين، يمسون في السلاح، ويصبحون في السلاح، فصبروا على ذلك ما شاء الله، ثم إن رجلا من الصحابة قال: يا رسول الله أبد الدهر نحن خائفون هكذا؟ أما يأتي علينا يوم نأمن فيه ونضع عنا السلاح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لن تصبروا إلا يسيرا حتى يجلس الرجل منكم في الملأ العظيم محتبيا ليست فيه حديدة» وأنزل الله هذه الآية فأظهر الله نبيه على جزيرة العرب، فآمنوا ووضعوا السلاح، ثم إن الله تعالى قبض نبيه صلى الله عليه وسلم، فكانوا كذلك آمنين في إمارة أبي بكر وعمر وعثمان، حتى وقعوا فيما وقعوا فيه، فأدخل عليهم الخوف فاتخذوا الحجزة والشرط، وغيروا فغير بهم، وقال بعض السلف: خلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما حق في كتاب الله، ثم تلا هذه الآية، وقال البراء بن عازب: نزلت هذه الآية ونحن في خوف شديد، وهذه الآية الكريمة كقوله تعالى وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ إلى قوله