تتألف السورة من مقدمة، ومقطعين، وكلها تدور حول كون محمد صلى الله عليه وسلم بشيرا ونذيرا، وأن الله قد أنزل عليه الكتاب، وكيف كان موقف الكافرين، وما هو الرد عليه، وما هي أمهات القضايا التي كان فيها التبشير والإنذار، وما هو موقف الناس منها، وإذا كانت السورة اسمها سورة الفرقان فقد كان فيها من المعجزات الزائدة على الإعجاز العام في القرآن ما به تظهر الحجة ظهورا كاملا، ويتم الفرق بين الحق والباطل.
وأمام المواقف الكافرة من هذا الفرقان ومن هذا البشير النذير تبين السورة كيف ينبغي أن تكون مواقف البشير النذير، وما هي المعاني التي يجابه بها هذه المواقف. كل هذه المعاني نجدها في السورة.
...
ولكون الآية التي هي محور سورة الفرقان آتية في حيز قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ... فإننا نجد آثار ذلك في السورة.
لقد جاءت آية كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً ... من سورة البقرة في سياق الآية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً لتخدمها وتعلل لها وتدلل، وتمكنها في القلب، وجاء قبل آية ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ما كان كالتمهيد والأساس لذلك الأمر، فكذلك هاهنا: إن ما قبل سورة النور كان تمهيدا لها وأساسا يوصل إليها، وهذه سورة الفرقان تأتي لتخدم سورة النور، وكل ذلك على أسلوب عجيب ما كان ليكون لولا أن الله رب العالمين هو منزل هذا القرآن الذي لا يحيط أحد بكمالاته.