للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن مثل هذه الدقائق في القرآن وغيرها نعلم أن هذا القرآن أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض.

٦ - من أعظم الأخطاء الضخمة التي وقع فيها بعض المسلمين أنهم فهموا من قوله تعالى: أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً* أنه لم يرد بالسماء هنا السحاب، وإنما أراد بها السماء الغيبية التي هي سكن الملائكة، وسبب هذا الخطأ كلمة قالها خالد بن يزيد الأموي وخالد ليس إماما في اللغة، ولا في الفقه، ولا في التفسير. وكلمته تناقض صريح القرآن كقوله تعالى: أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً ذكرنا هذا هنا لأن ابن كثير أورد قول خالد بن يزيد عند قوله تعالى وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً فليلحظ القارئ ذلك.

٧ - من معجزات الإسلام ما قاله ابن عباس وابن مسعود كما نقله عنهما ابن كثير:

«ليس عام بأكثر مطرا من عام ولكن الله يصرفه كيف يشاء، ثم قرأ هذه الآية:

وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً إن هذا المعنى الذي ذكره ابن مسعود وابن عباس هو الذي يثبته علماء الكون الآن، إذ يقولون إن نسبة التبخر والأمطار في العالم لا تزيد ذرة في عام عن عام لأن الحرارة التي تأخذها الأرض سنويا لا تزيد ولا تنقص، وإنما المطر ينزل في مكان ما أكثر من مكان، وهذا عين ما أثبته ابن مسعود وابن عباس في تفسيرهما للآية.

٨ - إن فهم قوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً إن فهم هذه الآية على الكمال والتمام متوقف على فهم دورة المياه العالمية، وفهم خصائص ماء البحار والأنهار، وكلما عرف الإنسان سرا من أسرار ذلك أدرك شيئا من حكمة الله في هذا الموضوع، وأدرك مظهرا من مظاهر علم الله وقدرته وعنايته بهذا الإنسان.

٩ - في قوله تعالى: وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً معنى عميق جدا، وسر من أسرار كفر الكثيرين، إن كثيرين من الناس يعللون الأشياء على أنها ظواهر طبيعية، فالمطر ينزل بسبب مجموعة من العوامل الطبيعية، والنبات يخرج بسبب مجموعة من العوالم الطبيعية، ونحن لا ننفي القوانين والأسباب، ولكنا نقول إن كل شئ بعلم الله وإرادته وقدرته، فإن يزعم زاعم أنه لا تدخل لله في ظواهر الكون

<<  <  ج: ص:  >  >>