للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم جاءت آية البر لتذكر الصادقين المتقين:

أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا، وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ.

ثم تأتي هذه الآيات الثلاثون لتعرض علينا جزءا من هداية الله للمتقين في كتابه.

وهكذا فإن فى الثلاثين آية القادمة تفصيلا في الركن الرابع للتقوى: وهو الاهتداء بكتاب الله، وهكذا. يأتي دور عرض بعض القضايا العملية، بعد تمهيدات طويلة توجد استعدادا للأخذ والتلقي والطاعة. ولذلك نجد كلمة كُتِبَ التى تعني فرض، تتكرر في هذه الثلاثين آية. كما تتكرر صيغ الأمر والنهي. وكل ذلك يأتي بعد المقطع الأول من القسم الثاني الذي هو التمهيد المباشر لذلك.

تشكل الثلاثون آية مقطعين، مقطعا قصيرا، ومقطعا طويلا. وكل من المقطعين يبدأ بنداء يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا .... وكل من المقطعين يبدأ بذكر طريق من الطرق الموصلة إلى تحقيق التقوى: وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.

فلأول مرة بعد قوله تعالى في بداية القسم الأول: يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ تحدثنا سورة البقرة بشكل مباشر عما يوصل إلى التقوى بمثل هذه الصيغة لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.

وإذا كان القسم الأول دلنا على طريق تقوى الفرد. فإن هذا القسم يحدثنا عما تتحقق به تقوى الفرد والمجتمع، وإن كان كل من الأمرين لا ينفصل عن الآخر. ولكن الكلام عما هو أظهر.

وإذا كانت الثلاثون آية القادمة تتألف من مقطعين. وقد مر معنا مقطع من القسم الثاني، فإن القسم الثاني على هذا يتألف من ثلاثة مقاطع. يشكل المقطع القادم؛ المقطع الثاني فيه.

كنا من قبل تحدثنا كيف أن القسم الأول من السورة قد وطأ للقسم الثاني؛ فوطأ مقطع الطريقين، ومقطع آدم، والمدخل لمقطع بني إسرائيل، للمقطع الأول في القسم الثاني. وفي مقطع بني إسرائيل يأتي كلام عن قتل رجل، وعن أكل أموال الناس، وعن ظلم الذين يمنعون مساجد الله أن يذكر فيها اسمه. ويذكر أن هؤلاء ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ. ثم ....

<<  <  ج: ص:  >  >>