للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصرح ليرى سلامة ساقيها .. وأمثال هذا الكلام التافه الذي ننزه كتب الإسلام عنه، وبهذه المناسبة نذكر أن بعضهم يذكر أثرا حول صنع النورة، وأنها صنعت من أجل بلقيس وإزالة شعرها، ويذكر في هذا الأثر كلاما طويلا عن ابن عباس قال عنه أبو بكر ابن أبي شيبة: ما أحسنه من حديث» قال ابن كثير رادا: بل هو منكر غريب جدا، ولعله من أوهام عطاء بن السائب على ابن عباس.

٢ - بمناسبة قول الله سبحانه على لسان سليمان وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ قال النسفي: (وفي كلام بعضهم إن كفران النعمة بوار، وقلما أقشعت نافرة فرجعت في نصابها فاستدع شاردها بالشكر، واستدم راهنها بكرم الجوار. واعلم أن سبوغ ستر الله تعالى متقلص عما قريب إذا أنت لم ترج لله وقارا، أي لم تشكر لله نعمة) وبمناسبة هذه الآية قال ابن كثير: وفي صحيح مسلم «يقول الله تعالى: يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه».

٣ - هل كان الصرح معجزة من المعجزات، أم هو أثر جهد في عالم الأسباب؟

وإذا كان- كما هو الواقع- عملا داخلا في عالم الأسباب فماذا يرمز؟

إن قصة بلقيس تدلنا على أنها كانت في أمة ذات مدنية عريقة، ومن ثم فقد أراها سليمان في الصرح أنها أمام مدنية أعرق وأعظم؛ فخضعت. قال ابن كثير: (وروى محمد بن إسحاق عن يزيد بن رومان: ثم قال لها ادخلي الصرح، ليريها ملكا هو أعز من ملكها، وسلطانا هو أعظم من سلطانها، فلما رأته حسبته لجة، وكشفت عن ساقيها، لا تشك أنه ماء تخوضه، فقيل لها إنه صرح ممرد من قوارير، فلما وقفت على سليمان دعاها إلى عبادة الله وحده، وعاتبها في عبادتها الشمس من دون الله).

وهذا الدرس العظيم الذي نأخذه من سليمان يفيد أن المدنية الإسلامية يجب أن تكون أرقى المدنيات، لأن في ذلك إخضاعا نفسيا لبقية المدنيات وأهلها ومن المعروف أن من أسباب الردة المعاصرة تفوق الكافرين على المسلمين مدنيا، مما أدى إلى وجود عقدة نقص عند المسلمين، ومما جعل الكافرين يستغلون ذلك ليهاجموا الإسلام وأهله،

<<  <  ج: ص:  >  >>