وجعلها رجوما للشياطين، فمن تعاطى فيها غير ذلك فقد قال برأيه، وأخطأ حظه، وأضاع نصيبه، وتكلف ما لا علم له به. وإن أناسا جهلة بأمر الله، قد أحدثوا من هذه النجوم كهانة، من أعرس بنجم كذا وكذا كان كذا وكذا. ومن سافر بنجم كذا وكذا، كان كذا وكذا ومن ولد بنجم كذا وكذا كان كذا وكذا. ولعمري ما من نجم إلا
يولد به الأحمر والأسود، والقصير والطويل، والحسن والدميم. وما علم هذا النجم وهذه الدابة وهذا الطير بشيء من الغيب، وقضى الله تعالى أنه لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله، وما يشعرون أيان يبعثون. رواه ابن أبي حاتم عنه بحروفه وهو كلام جليل متين صحيح).
٣ - بمناسبة قوله تعالى: وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ قال ابن كثير: (هذه الدابة تخرج في آخر الزمان عند فساد الناس، وتركهم أوامر الله، وتبديلهم الدين الحق، يخرج الله لهم دابة من الأرض قيل من مكة، وقيل من غيرها- كما سيأتي تفصيله إن شاء الله تعالى- فتكلم الناس على ذلك، قال ابن عباس والحسن وقتادة، ويروى عن علي رضي الله عنه: تكلمهم كلاما أي تخاطبهم مخاطبة، وقال عطاء الخراساني: تكلمهم فتقول لهم:
إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون، ويروى هذا عن علي، واختاره ابن جرير، وفي هذا القول نظر لا يخفى والله أعلم. وقال ابن عباس في رواية: تجرحهم، وعنه رواية قال:
كلا تفعل، يعني: هذا وهذا، وهذا قول حسن ولا منافاة، والله أعلم. وقد ورد في ذكر الدابة أحاديث كثيرة، فلنذكر منها ما تيسر وبالله المستعان: روى قال الإمام أحمد عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: أشرف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من غرفة ونحن نتذاكر أمر الساعة فقال: «لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات: طلوع الشمس مغربها، والدخان والدابة وخروج يأجوج ومأجوج وخروج عيسى ابن مريم عليه السلام، والدجال، وثلاثة خسوف: خسف بالمغرب، وخسف بالمشرق، وخسف بجزيرة العرب، ونار تخرج من قعر عدن، تسوق أو تحشر الناس، تبيت معهم حيث باتوا، وتقيل معهم حيث قالوا» وهكذا رواه مسلم وأهل السنن من طرق عن حذيفة مرفوعا، وقال الترمذي حسن صحيح، ورواه مسلم أيضا عن أبي الطفيل موقوفا ثم ذكر ابن كثير روايات أخرى لهذا الحديث، كما ذكر أحاديث أخرى في هذا الباب فليراجع.