فحدثتاه فأتى الحجر فرفعه ثم لم يستق إلا ذنوبا واحدا حتى رويت الغنم. إسناده صحيح.
٢ - ذكر ابن كثير بمناسبة قوله تعالى: ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ ما قاله ابن جرير بسنده عن عبد الله بن مسعود قال: أحثثت على جمل ليلتين حتى أصبحت مدين فسألت عن الشجرة التي أوى إليها موسى فإذا هي شجرة خضراء ترف، فأهوى إليها جملي وكان جائعا فأخذها جملي فعالجها ساعة ثم لفظها، فدعوت الله لموسى عليه السلام ثم انصرفت، وفي رواية عن ابن مسعود أنه ذهب إلى الشجرة التي كلم الله منها موسى- كما سيأتي إن شاء الله- والله أعلم. أقول: إن صحت هذه الرواية فإن أهل مدين يكونون قد بقوا يتوارثون قصة موسى والشجرة التي جلس عليها حتى صدر الإسلام.
٣ - بمناسبة رعي الفتاتين للغنم قال النسفي:(وإنما رضي شعيب عليه السلام- أقول هذا على القول بأن شعيبا هو صاحب موسى في القصة والتحقيق أنه ليس كذلك-
لابنتيه بسقي الماشية لأن هذا الأمر في نفسه ليس بمحظور، والدين لا يأباه، وأما المروءة فعادات الناس في ذلك متباينة وأحوال العرب فيه خلاف أحوال العجم، ومذهب أهل البدو فيه غير مذهب أهل الحضر خصوصا إذا كانت الحالة حالة ضرورة).
٤ - حقق ابن كثير في اسم الرجل الذي أوى إليه موسى فقال: (وقد اختلف المفسرون في هذا الرجل من هو؟ على أقوال: أحدها أنه شعيب النبي عليه السلام الذي أرسل إلى أهل مدين، هذا هو المشهور عند كثير من العلماء، وقد قاله الحسن البصري وغير واحد. ورواه ابن أبي حاتم عن مالك بن أنس أنه بلغه أن شعيبا هو الذي قص عليه موسى القصص قال لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وقد روى الطبراني عن سلمة بن سعد العنزي أنه وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له:«مرحبا بقوم شعيب وأختان موسى هديت» وقال آخرون: بل كان ابن أخي شعيب: وقيل: رجل مؤمن من قوم شعيب.
وقال آخرون: كان شعيب قبل زمان موسى عليه السلام بمدة طويلة، لأنه قال لقومه وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ وقد كان هلاك قوم لوط في زمن الخليل عليه السلام بنص القرآن، وقد علم أنه كان بين الخليل وموسى عليهما السلام مدة طويلة تزيد على أربعمائة سنة، كما ذكره غير واحد. وما قيل إن شعيبا عاش مدة طويلة إنما هو- والله أعلم- احتراز من هذا الإشكال، ثم من المقوي لكونه ليس بشعيب أنه لو كان إياه لأوشك أن ينص على اسمه في القرآن هاهنا، وما جاء في بعض الأحاديث من التصريح بذكره في قصة