أو الصافات، أو الصف، أو تبارك، أو الفتح، أو الأعلى، أو الضحى، ونسب بعض هذه الأقوال إلى من قال بها قال: وسمّي مفصلا لكثرة الفصول بين سوره أو لقلة المنسوخ) وقال في مراقي الفلاح- أحد كتب الحنفية-: (والمفصّل هو السبع السابع، وقيل: أوله- عند الأكثرين- من سورة الحجرات، وقيل: من سورة محمد صلّى الله عليه وسلم، أو من الفتح، أو من ق. فالطوال (أي طوال المفصّل) من مبدئه إلى البروج، وأوساطه منها إلى (لم يكن) وقصاره منها إلى آخره ... ).
ومن الاختلاف الكثير في المفصّل نعلم أنّ المسألة اجتهادية، وأكثر الأقوال أن المفصّل من بعد الحجرات، وعلى هذا القول فإن (ق) تكون من المفصّل إلا أننا نستبعد ذلك؛ لأنّنا نرى أن (ق) جزء مما قبلها؛ فهي امتداد للحواميم؛ بدليل أن سورة الشورى مبدوءة ب حم عسق وسنبرهن على هذا الموضوع فيما بعد، ومن ثمّ فإنّنا نرى أن المفصّل هو من بعد (ق) فهو إذن من سورة (الذاريات) فهو يشمل أربعة أجزاء ونيّفا، وذلك يعدل السبع إلا قليلا من مجموع القرآن.
....
ولا شك أنّ الأقوال القائلة بأن بداية المفصّل من (الضحى) أو من (الأعلى) ليست صحيحة، لأنّه من المتعارف عليه أن سورة الملك يطلق عليها اسم (تبارك المفصّل)، وقد ورد ذلك في بعض الأحاديث، وأن الأقوال القائلة بأنّ ابتداء المفصّل من (إنا فتحنا)، أو من سورة محمد صلّى الله عليه وسلم مردودة؛ لأنّها قبل (ق) وهذا موضوع سنراه فيما بعد مع أدلته، وكذلك القول بأن بداية المفصّل من الجاثية مردود؛ لأن الجاثية من الحواميم، فهي جزء من مجموعة، بل هي آتية في وسط مجموعة وليست بداية لقسم.
....
إنّ المفصّل في اجتهادنا يبدأ بسورة الذاريات، وسنبرهن على ذلك أكثر من مرّة، وعلى هذا فالقسم الثالث من أقسام القرآن- والمسمّى بالمثاني- يكون من سورة العنكبوت إلى نهاية سورة (ق).
....
ومن تسمية القسم الثالث بالمثاني ندرك أن هناك معاني ستثنّى وتثنّى فيه. ومن ثمّ