أو صفة للمنافقين. ونلاحظ في هذه السور الأربع أنّها تعمّق في سياقها الرئيسي موضوعا من موضوعات الآيات الواردة في المتقين، وتتحدث خلال ذلك عما يقابل ذلك. ومن ثمّ فإن السور الأربع- وإن كانت في سياقها الرئيسي- تفصّل في الآيات الأولى لمقدمة سورة البقرة، فإنّها تفصّل- في الحقيقة- في مقدمة سورة البقرة كلها.
ومن ثمّ نجد في سورة العنكبوت كلاما عن الكافرين والمنافقين، ونجد في سورة الروم كلاما عن الكافرين، ونجد في سورتي لقمان والسجدة كلاما عن الكافرين. فالتفصيل في النهاية لمقدمة سورة البقرة كلها، أي للعشرين آية الأولى من سورة البقرة.
...
إنّك لتجد في سورة لقمان نموذجا كاملا على هذا الذي ذكرناه، وهو أنّ التفصيل للآيات الأولى من المقدمة تفصيل للمقدمة كلها. إذ تجد في سورة لقمان- كما في سورة البقرة- آيات في المتقين، يعقبها كلام مبدوء بقوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ ... * وهي نفس الكلمة التي ذكرت في بداية الكلام عن المنافقين في مقدمة سورة البقرة، فكأن الكلام عن المنافقين دمج في الكلام عن الكافرين في سورة لقمان؛ لأنّ: الكفر والنفاق شئ واحد في النهاية.
...
وكما رأينا أنّه من خلال الكلام عن الله عزّ وجل قرّرت سورة الروم في سياقها موضوع اليوم الآخر، وبقية المواضيع. فإنّ سورة لقمان كذلك تقرّر مواضيعها من خلال الكلام عن الله عزّ وجل. فنقطة البداية الصحيحة إذن دائما هي المعرفة الصحيحة لله، وقبل هذه المعرفة الصحيحة فكل شئ يبقى في غير محله. وكل تصوّر يكون فيه قصور.
...
كنّا ذكرنا من قبل أنّ أي سورة عند ما تفصّل في محور من سورة البقرة فإنّها تفصّل في هذا المحور، وفي امتدادات معانيه في سورة البقرة، ولقد جاء في سورة البقرة قوله تعالى: وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً (الآية: ٢٦٩) وإيتاء الله الحكمة مرتبط بإيتائه الكتاب، ومرتبط بتوفيق الله للإنسان وسورة لقمان تفصّل في هذا وهذا، فقد وصف الله كتابه بالحكمة، وأعطانا نموذجا على إيتائه الحكمة لعبد من عباده وَلَقَدْ