مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ قال: الغناء، وكذا قال ابن عباس، وجابر، وعكرمة، وسعيد بن جبير، ومجاهد، ومكحول، وعمرو بن شعيب، وعلي بن بذيمة. وقال الحسن البصري: نزلت هذه الآية وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ في الغناء والمزامير، وقال قتادة: قوله وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ والله لعله لا ينفق فيه مالا ولكن شراؤه استحبابه، بحسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحق، وما يضر على ما ينفع.
وقال الضحاك في قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ قال:
يعني الشرك، وبه قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، واختار ابن جرير أنه كل كلام يصدّ عن آيات الله، واتباع سبيله، وقوله تعالى: لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أي إنما يصنع هذا للتخالف للإسلام وأهله. وقوله تعالى: وَيَتَّخِذَها هُزُواً قال مجاهد: ويتخذ سبيل الله هزوا، يستهزئ بها، وقال قتادة: يعني ويتخذ آيات الله هزوا وقول مجاهد أولى).
...
٢ - وقال صاحب الظلال:
(ولهو الحديث كل كلام يلهي القلب ويأكل الوقت، ولا يثمر خيرا ولا يؤتي حصيلة تليق بوظيفة الإنسان المستخلف في هذه الأرض لعمارتها بالخير والعدل والصلاح. هذه الوظيفة التي يقرر الإسلام طبيعتها وحدودها ووسائلها، ويرسم لها الطريق. والنص عام لتصوير نموذج من الناس موجود في كل زمان وفي كل مكان.
وبعض الروايات تشير إلى أنه كان تصويرا لحادث معيّن في الجماعة الإسلامية الأولى.
وقد كان النضر بن الحارث يشتري الكتب المحتوية لأساطير الفرس وقصص أبطالهم وحروبهم؛ ثم يجلس في طريق الذاهبين لسماع القرآن من رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- محاولا أن يجذبهم إلى سماع تلك الأساطير والاستغناء بها عن قصص القرآن الكريم. ولكن النص أعم من هذا الحادث الخاص إذا صح أنه وارد فيه. وهو يصوّر فريقا من الناس واضح السمات، قائما في كل حين. وقد كان قائما على عهد الدعوة الأولى في الوسط المكي الذي نزلت فيه هذه الآيات.