متوالية. وقد استمر هذا الوضع مدة طويلة. وكان صوم (جمعة الآلام، أو الصلبوت) صوما شعبيا عاما. وكان صوم يوم الأربعاء، ويوم الجمعة في كل أسبوع شائعا في بعض الأقطار في القرن الثاني المسيحي. وكان الذين ينتظرون الاصطباغ (التعميد)، يصومون يوما أو يومين. وكان يشترك فيه الذين يأخذون الاصطباغ والذي يتولى ذلك.
وهنالك خلافات جزئية في مناهج الصوم، وأحكامه في الطوائف المسيحية. وقد نال الصوم قسطا كبيرا من التنظيم، والتقنين في فترة بين القرن الثاني، والقرن الخامس المسيحيين. فقد أصدرت الكنيسة قائمة أحكام وتوجيهات عن الموضوع. وقد اتسم الصوم بصلابة وشدة في القرن الرابع، فقد انتقل من طور الرقة والتوسع والمرونة، إلى طور الصلابة، والغلظة، والتدقيق. وقد حدد اليومان اللذان يسبقان (عيد الفصح) بالصوم في هذا العصر. وكان الصوم في هذين اليومين ينتهي في نصف الليل. والمرضى الذين لا يستطيعون أن يصوموا في هذين اليومين، كان يسمح لهم أن يصوموا يوم (السبت). وقد سجلت في تاريخ المسيحية، والمسيحيين في القرن الثالث أيام الصوم، وكان هنالك اختلاف في نهاية الصوم. فكان بعضهم ينهي ويفطر عند صوت الديك. وبعضهم إذا أرخى الليل سدوله.
أما صوم أربعين يوما، فلا يوجد له أثر إلى القرن الرابع الميلادي. وكانت هنالك عادات وأوضاع للصوم تختلف باختلاف البلاد التي يسكنها المسيحيون. فكان في (روما) صيام يختلف عن الصيام في (لانان) و (الإسكندرية). وكان بعضهم يمسك عن تناول الحيوانات، خلافا لغيره. وبعضهم يجتزئ بالسمك والطيور، وبعضهم يضرب عن البيض والفواكه، وبعضهم يجتزئ بالخبز اليابس، وبعضهم يكف عن كل ذلك، وبتاريخ المسيحية، أنواع من الصوم يطول عدها، منها ما كان يستغرق ثلاث ساعات، وأربعا، يمسك فيها الصائم عن الأكل والشرب. وقد حددت أيام مختلفة في القرون الوسطى للصوم في العالم المسيحي، تطورت مع تقدم الزمن، وهي تختلف باختلاف الأقاليم والبلاد، التي تحكم عليها الكنيسة المسيحية.
وبعد الإصلاح، حددت الكنيسة الإنجليزية أيام الصوم. ولم تقنن قوانين وحدودا للصائمين. تاركة ذلك لضمير الفرد، وشعوره بالمسئولية. ولكن قوانين البرلمان الإنجليزي في عهد (إدوارد السادس) و (جيمس الأول) و (مرسوم اليزابيت):
فرض الإمساك عن اللحوم في أيام الصوم، وبرر ذلك بقوله: (إن صيد السمك،