يدخل عليك البرّ والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب؛ فأنزل الله آية الحجاب، وكان وقت نزولها في صبيحة عرس رسول الله صلّى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش التي تولّى الله تزويجها بنفسه، وكان ذلك في ذي القعدة من السنة الخامسة في قول قتادة والواقدي وغيرهما، وزعم أبو عبيدة معمر بن المثنى، وخليفة بن خياط: أن ذلك كان في سنة ثلاث. فالله أعلم. روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
لما تزوج رسول الله صلّى الله عليه وسلم زينب بنت جحش، دعا القوم فطعموا، ثم جلسوا يتحدثون، فإذا هو يتهيأ للقيام فلم يقوموا، فلمّا رأى ذلك قام، فلما قام من قام قعد ثلاثة نفر، فجاء النبي صلّى الله عليه وسلم ليدخل فإذا القوم جلوس، ثم إنهم قاموا، فانطلقوا فجئت فأخبرت النبي صلّى الله عليه وسلم أنهم قد انطلقوا، فجاء حتى
دخل، فذهبت أدخل فألقى الحجاب بيني وبينه، فأنزل الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا الآية. وقد رواه أيضا في موضع آخر ومسلم والنسائي من طرق عن معتمر بن سليمان به ثم رواه البخاري منفردا به من حديث أيوب عن أبي قلابة عن أنس رضي الله عنه بنحوه. ثم روى عن أنس بن مالك قال: بنى النبي صلّى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش بخبز ولحم، فأرسلت على الطعام داعيا، فيجئ قوم فيأكلون ويخرجون، ثم يجئ قوم فيأكلون ويخرجون، فدعوت حتى ما أجد أحدا أدعوه، فقلت: يا رسول الله ما أجد أحدا أدعوه قال: «ارفعوا طعامكم» وبقي ثلاثة رهط يتحدّثون في البيت، فخرج النبي صلّى الله عليه وسلم فانطلق إلى حجرة عائشة رضي الله عنها فقال:«السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته» قالت: وعليك السلام ورحمة الله، كيف وجدت أهلك يا رسول الله بارك الله لك؟ فتقرى حجر نسائه كلهن يقول لهن كما يقول لعائشة، ويقلن له كما قالت عائشة، ثم رجع النبي صلّى الله عليه وسلم فإذا ثلاثة رهط في البيت يتحدثون، وكان النبي صلّى الله عليه وسلم شديد الحياء، فخرج منطلقا نحو حجرة عائشة، فما أدري أخبرته أم أخبر القوم، فخرجوا فرجع حتى إذا وضع رجله في أسكفة الباب داخله والأخرى خارجه، أرخى الستر بيني وبينه، وأنزلت آية الحجاب. انفرد به البخاري من بين أصحاب الكتب الستة، سوى النسائي في اليوم والليلة، وقد تقدم في أفراد مسلم من حديث سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس. وروى ابن أبي حاتم عن أنس بن مالك قال:
أعرس رسول الله صلّى الله عليه وسلم ببعض نسائه فصنعت أم سليم حيسا، ثم جعلته في تور فقالت:
اذهب بهذا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأقرئه مني السلام، وأخبره أن هذا منا له قليل. قال