للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.

...

وإذ كان محور السورة هو هذه الآية، فالسورة حدثتنا عن استحقاق الله عزّ وجل للحمد، كما حدّثتنا عن طريق الحمد وعاقبته، كما حدّثتنا عن الكفر ونماذجه وعاقبة أهله من خلال الدعوة إلى الإيمان بالآخرة، الذي هو الشرط الرئيسي للشكر، ومن خلال الإيمان بالقرآن، الذي هو الدليل على طريق الشكر، ومن خلال الإيمان بالرسول صلّى الله عليه وسلم الذي هو القدوة في الشكر، والذي أنزل عليه القرآن الكريم للإنذار والتبشير باليوم الآخر.

...

وهاهنا نحب أن ننبه على فكرة حول موضوع السورة القرآنية ومحورها.

إنّ محاور السور في سياقها، وفي موضعها تؤدي دورها بشكل كامل، وهي في الوقت نفسه مفصّلة تفصيلا كاملا، ثمّ تأتي السور فتفصّل هذه المحاور تفصيلا بعد تفصيل، خذ مثلا قوله تعالى في سورة البقرة:

كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ* هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.

لقد أدت الآيتان دورهما الكامل في الإنكار على الكفر والتعجيب منه، وفي إقامة الحجة على أهله بشكل واضح، وبيّن ومفصّل.

فعند ما تأتي سورة الأنعام تفصّل في هذا المحور، أو تأتي سورة سبأ وفاطر، فتفصلان في هذا المحور، فإنّ معاني جديدة سترد، هي من ناحية تفصيل للمحور، وهي من ناحية أخري تؤدي أدوارا، وتكمّل بناء، فآيتا سورة البقرة ذكرتا الرجوع إلى الله كمسلّمة، ولكن هذه المسلّمة ليست مسلّمة في منطق الكافرين، ومن ثمّ فعند ما تأتي سورة سبأ تجدها تقيم الدليل على هذه المسلّمة، وتذكر موقف الكافرين منها، وتردّ عليهم بأساليب وطرق شتى، فليست سورة سبأ- بالنسبة لمحور السورة إذن- تفصيلا حرفيا، بل الأمر أوسع من ذلك وأبعد؛ فالسورة تفتح آفاقا جديدة،

<<  <  ج: ص:  >  >>