المعرفة الكاملة لله عزّ وجل، فهي تفصّل فيما فصّلت فيه سورة الأنعام وتكمّل تفصيلها.
وقد دلّت السورة كذلك على الصوارف عن الشكر، وحذّرتنا من ذلك، فحذرتنا من الشيطان والدنيا، ودلّت على أن الرغبة في العز والجاه والمجد من الصوارف عن طريق الله.
ولمّا كانت بداية السير إلى الله تكمن في قبول الإنذار، ولما كان قبول الإنذار يحتاج إلى خشية من الله عزّ وجل، فقد دلّت السورة على الطريق لتحقيق الخشية وبينت بواعثها، ودلّت على مغذياتها.
وسورة فاطر تكمّل سورة سبأ، ومن ثمّ فهي تبني على ما ذكرته تلك، فسورة سبأ وضعت الأساس في موضوع الشكر، وجاءت سورة فاطر لتبني على هذا الأساس.
لاحظ التكامل بين السورتين:
جاء في سورة سبأ وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وجاء في سورة فاطر وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ هُوَ الْحَقُّ.
جاء في سورة سبأ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ وجاء في سورة فاطر:
اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ.
لقد ربطت سورة سبأ بين معرفة الله والإيمان باليوم الآخر والقيام بالتكليف الذي هو الشكر، وسورة فاطر هي التي دلّت على طريق الشكر العملي.
وسورتا سبأ وفاطر تكمّلان مجموعتهما في قسم المثاني بإعطاء كثير من المعاني، فهما قد عمّقتا قضية الشكر، وهو موضوع مرتبط بقضية التقوى الواردة في سورة الأحزاب، وذلك يعمّق قضية الإيمان التي ركزت عليها زمرة (الم) في هذه المجموعة.
إنّ لسورة فاطر سياقها المرتبط بمحورها، ولها تكاملها مع السورة التي سبقتها ومع مجموعتها التي هي فيها وكل ذلك بعض أسرار الإعجاز.