٣ - ومن الآيات عرفنا أشياء كثيرة. كجواز التمتع، وماذا يفعل المحصر، وماذا يفعل المتمتع، ولمن يجوز التمتع. وعرفنا جواز التجارة في الحج. وبعض عادات الجاهلية، وجواز التعجل فى النفر من منى. وعرفنا كثيرا من الآداب والأخلاق. وكل ذلك بعض ما في هذه الفقرة التى تشرح بعض معالم الرحلة إلى كعبة إبراهيم، وتبين كثيرا من معالم الحكمة في شريعة الحج، حيث يتجمع المسلمون في عرفات، لينطلقوا منها في أعظم مظاهرة لتعظيم بيت الله. معلنين الحرب قبل ذلك على الشر في رجمهم المكان الذي وسوس فيه الشيطان لأبينا إبراهيم عليه السلام.
٤ - وإذا كنا ذكرنا من قبل أن مقاطع القسم الأول مهدت لمعاني القسم الثاني.
فإن باستطاعتنا هنا أن نذكر أن مقطع إبراهيم عليه السلام، ومقطع القبلة، والمقطع الذي جاء فيه ذكر الصفا والمروة. كل ذلك قد وطأ لهذه الفقرة التى كانت بدايتها:
وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ. وإن البداية لتشعرنا وكأنها استمرار لحديث سابق.
٥ - والمناسبة بين هذه الفقرة وما قبلها واضحة كوضوح المناسبة بين الحج والقتال. فالقتال يحتاج إلى بذل جهد ومال. والحج بذل جهد ومال. وتجد الصلة بين الحج والجهاد في كثير من النصوص من مثل:«ولكن أفضل الجهاد حج مبرور».
أما محل هذه الفقرة في السياق الكبير فدقيقة جدا.
من المعلوم أن الإسلام أركان وبناء.
فالأركان: الشهادتان، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج. والبناء أحكام الإسلام. وتفصيل ذلك في أول كتابنا (الإسلام).
وقد بدأت سورة البقرة بذكر أركان ثلاثة. الإيمان بالغيب، والصلاة، والإنفاق.
وذكرت أن القرآن هو الهدى للمتقين. فذكرت من الأركان، وذكرت الأصل في البناء.
وسارت السورة لتعمق هذا وهذا. وذكرت الصوم في بداية هذا المقطع كطريق للتقوى.
فزادت ركنا رابعا. وبنت عليه بعد ذلك قضايا في الأموال، والتصورات، والسلوك، والجهاد. ليأتي الركن الخامس في نفس القسم الذي ذكر فيه الصوم. ففي