لحركتها وأبعادها ومواقعها واحد لا يتعدد، عارف بطبيعتها وحركتها. مقدر لهذا كلها في تصميم هذا الكون العجيب.
ونكتفي بهذه اللمحة الخاطفة في تتبع حقيقة الوحدة التي ينطق بها نظام هذا الكون ويشهد بها كل ما فيه.
وهي حقيقة لا يستقيم أمر هذه البشرية إلا عليها. فوضوح هذه الحقيقة في الضمير البشري ذو أهمية بالغة في تصور البشر للكون من حولهم، ولموضعهم هم في هذا الكون، ولعلاقتهم بكل ما فيه من أشياء وأحياء. ثم في تصوّرهم لله الواحد ولحقيقة ارتباطهم به، وبما عداه ومن عداه في هذا الوجود .. وكل ذلك ذو أهمية بالغة في تكييف مشاعر البشر وتصورهم لكل شئون الحياة.
والمؤمن بالله الواحد، المدرك لمعنى هذه الوحدانية، يكيّف علاقته بربه على هذا الأساس، ويضع علاقته بمن عدا الله وبما عداه، في موضعها الذي لا تتعداه. فلا تتوزع طاقاته ومشاعره بين آلهة مختلفة الأمزجة! ولا بين متسلطين عليه غير الله ممن خلق الله!
والمؤمن بأن الله الواحد هو مصدر هذا الوجود الواحد يتعامل مع الوجود ومن فيه وما فيه على أساس من التعارف والتعاون والألفة والمودة، يجعل للحياة طعما وشكلا غير ما لها في نفس من لا يؤمن بهذه الوحدة، ولا يحسها بينه وبين كل ما حوله ومن حوله.
والمؤمن بوحدة الناموس الإلهي في الكون يتلقى تشريعات الله له وتوجيهاته تلقيا خاصا، لينسق بين القانون الذي يحكم حياة البشر والناموس الذي يحكم الكون كله؛ ويؤثر قانون الله. لأنه هو الذي ينسق بين حركة البشر وحركة الكون العام.
وعلى الجملة فإن إدراك هذه الحقيقة ضروري لصلاح الضمير البشري واستقامته واستنارته وتصالحه مع الكون من حوله. وتنسيق حركته مع الحركة الكونية العامة.
ووضوح الارتباطات بينه وبين خالقه. ثم بينه وبين الكون حوله. ثم بينه وبين كل ما في الكون من أحياء ومن أشياء! وما يتبع هذا من تأثرات أخلاقية وسلوكية واجتماعية وإنسانية عامة في كل مجال من مجالات الحياة.
ومن ثمّ كان هذا الحرص على إقرار عقيدة التوحيد. وكان هذا الجهد الموصول المكرور مع كل رسالة وكل رسول. وكان هذا الإصرار من الرسل- صلوات الله