للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنها مكية إلا قوله تعالى وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ لأن الصلوات نزلت بالمدينة، وكانت الصلاة بمكة ركعتين من غير توقيت. وأنت تعلم أن الحق قول الأكثرين: أن الخمس نزلت بمكة على أنه لا يتعيّن إرادة الصلاة بالتسبيح في الآية، وقيل: هي مكية إلا قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ الآية، فإنها مدنية، فقد أخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية وغيره أنها نزلت في اليهود لما ذكروا الدجال، وهذا ليس بنص على أنها نزلت بالمدينة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: قولهم نزلت الآية في كذا يراد به تارة سبب النزول، ويراد به تارة أن ذلك داخل في الآية، وإن لم يكن السبب كما تقول: عنى بهذه الآية كذا، وقال الزركشي في البرهان: قد عرف من عادة الصحابة والتابعين أن أحدهم إذا قال: نزلت الآية في كذا فإنه يريد بذلك أنها تتضمّن هذا الحكم، لا أن هذا سبب في نزولها، فهو من جنس الاستدلال على الحكم بالآية، لا من جنس النقل لما وقع.

نعم سيأتي إن شاء الله تعالى عن أبي العالية ما هو كالنص على ذلك، وآيها خمس وثمانون في الكوفي والشامي، وأربع في الحجازي، واثنتان في البصري، وقيل: ست وثمانون، وقيل: ثمان وثمانون، ووجه مناسبة أولها لآخر الزمر أنه تعالى لما ذكر سبحانه هناك ما يؤول إليه حال الكافر وحال المؤمن، ذكر جل وعلا هنا أنه تعالى غافر الذنب، وقابل التوب، ليكون ذلك استدعاء للكافر إلى الإيمان والإقلاع عما هو فيه، وبين السورتين أنفسهما أوجه من المناسبة، ويكفي فيها أنه ذكر في كل من أحوال يوم القيامة وأحوال الكفرة فيه وهم في المحشر وفي النار ما ذكر، وقد فصّل في هذه من ذلك ما لم يفصّل منه في تلك، وفي تناسق الدرر: وجه إيلاء الحواميم السبع لسورة الزمر تواخي المطالع في الافتتاح (بتنزيل الكتاب). وفي مصحف ابن مسعود أول الزمر (حم) وتلك مناسبة جلية، ثم إن الحواميم ترتبت لاشتراكها في الافتتاح ب (حم)، وبذكر الكتاب، وأنها مكية، بل ورد عن ابن عباس. وجابر بن زيد أنها نزلت عقب الزمر متتاليات كترتيبها في المصحف، وورد في فضلها أخبار كثيرة. أخرج أبو عبيد في فضائله عن ابن عباس قال: إن لكل شئ لبابا وإن لباب القرآن الحواميم. وأخرج هو، وابن الضريس، وابن المنذر، والحاكم، والبيهقي في

شعب الإيمان عن ابن مسعود قال: الحواميم ديباج القرآن. وأخرجه أبو الشيخ. وأبو نعيم. والديلمي عن أنس رضي الله تعالى عنه مرفوعا، وأخرج الديلمي. وابن مردويه عن سمرة بن جندب مرفوعا «الحواميم روضة من رياض الجنة».

وأخرج محمد بن نصر. والدارمي عن سعد بن إبراهيم قال: كنّ الحواميم يسمين

<<  <  ج: ص:  >  >>