مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ. ثمّ جاءت مجموعات ناقشت موضوع التوحيد، وموقف الكافرين منه، وأنذرتهم وحذرتهم، ثم جاءت المجموعة الأخيرة لتبين ما للاستقامة على أمر الله، ولتبين أن أحسن الأقوال الدعوة إلى الله، ولتبين أن الداعية إلى الله عليه أن يتخلّق بخلقين: الدفع بالتي هي أحسن، والاستعاذة بالله.
٢ - جاءت هذه المجموعة بعد المجموعة التي تحدّثت عن تقييض الله قرناء للكافرين، لتبيّن أن الذين يستجيبون لأمر الله، فيستقيمون يقيّض الله لهم ملائكة يتولّونهم في الدنيا والآخرة، وشتان بين الحالين.
٣ - من سنّة القرآن أن يتحدّث عن الكافرين وما أعدّ لهم، ثم يعقبه بالكلام عن المؤمنين وما أعد لهم، أو العكس وإذ كانت المجموعات السابقة على المجموعة الأخيرة تتحدّث عمّا أعدّه الله للكافرين من عذاب، فقد جاءت المجموعة الأخيرة لتتحدث عما أعد الله للمؤمنين، فصلة المجموعة في السياق القريب والسياق العام للسّورة واضحة، ولنر الصلة بين هذه المجموعة ومحور السورة.
٤ - رأينا أن محور السورة هو قوله تعالى يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ .. ورأينا أنّ مجموعات في السّورة قد ناقشت الكافرين الذين يرفضون العبادة والتوحيد، وأنذرتهم وحذّرتهم، وتأتي هذه المجموعة لتبين ماذا أعد الله عزّ وجل لمن يعبده ويتقيه، وتحضّه على الدعوة إلى الله،
وتوجّهه في ما ينبغي فعله أمام الأعداء الظاهرين والخفيين، وهي في الوقت نفسه تعرض علينا بعض ما يدخل في العبادة والتقوى. إن العبادة تقتضي اعترافا لله بالربوبية، واستقامة على أمره، وتقتضي دعوة إليه وعملا صالحا، وإعلانا عن الانتساب إلى الصف الإسلامي، وصبرا على أعداء الله وأذاهم وتقتضي استعاذة دائمة بالله من الشيطان.
٥ - يلاحظ أنّ السورة بدأت بقوله تعالى: حم* تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ* بَشِيراً وَنَذِيراً ... وجاءت السورة بعد ذلك وفيها تبيان لخصائص القرآن هذه، فالسورة تدلّنا على مظاهر تجليات اسمي الله:(الرحمن، الرحيم) الذي يتلطف فينزل وحيا، والذي يتلطف فيناقش ويبين ويوضح، والذي يأمر عباده بسلوك الطريق المرحوم أهلها، ويأمرهم بالرحمة، كما أنّ