للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نزولها في المدينة فيه نظر، لأن السورة مكية، وليس يظهر بين هذه الآية وهذا السياق مناسبة والله أعلم. وروى ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس- رضي الله عنه- قال: لما نزلت هذه الآية قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين أمر الله بمودتهم؟ قال: «فاطمة وولدها رضي الله عنهما» وهذا إسناد ضعيف فيه مبهم لا يعرف عن شيخ شيعي مخترق وهو حسين الأشقر ولا يقبل خبره في هذا المحل، وذكر نزول الآية في المدينة بعيد فإنها مكية،

ولم يكن إذ ذاك لفاطمة- رضي الله عنها- أولاد بالكلية. فإنها لم تتزوج بعلي- رضي الله عنه- إلا بعد بدر من السنة الثانية من الهجرة. والحق تفسير هذه الآية بما فسرها به حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما كما رواه عنه البخاري، ولا ننكر الوصاة بأهل البيت، والأمر بالإحسان إليهم، واحترامهم وإكرامهم، فإنهم من ذرية طاهرة، من أشرف بيت وجد على وجه الأرض فخرا وحسبا ونسبا، ولا سيما إذا كانوا متبعين للسنة النبوية الصحيحة الواضحة الجلية، كما كان عليه سلفهم كالعباس وبنيه، وعلي وأهل بيته وذريته رضي الله عنهم أجمعين.

وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال في خطبته بغدير خم: «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، وإنهما لم يفترقا حتى يردا عليّ الحوض» وروى الإمام أحمد عن العباس بن عبد المطلب- رضي الله عنه- قال: قلت يا رسول الله إن قريشا إذا لقي بعضهم بعضا لقوهم ببشر حسن، وإذا لقونا لقونا بوجوه لا نعرفها، قال:

فغضب النبي صلّى الله عليه وسلم غضبا شديدا، وقال: «والذي نفسي بيده لا يدخل قلب الرجل الإيمان حتى يحبكم لله ولرسوله». ثم روى الإمام أحمد عن عبد المطلب بن ربيعة قال:

دخل العباس رضي الله عنه على رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: إنا لنخرج فنرى قريشا تحدث، فإذا رأونا سكتوا، فغضب رسول الله صلّى الله عليه وسلم ودر عرق بين عينيه ثم قال صلّى الله عليه وسلم: «والله لا يدخل قلب امرئ مسلم إيمان حتى يحبكم لله ولقرابتي» وروى البخاري عن ابن عمر- رضي الله عنهما- عن أبي بكر- هو الصديق- رضي الله عنه قال: ارقبوا محمدا صلّى الله عليه وسلم في أهل بيته. وفي الصحيح أن الصديق- رضي الله عنه- قال لعلي- رضي الله عنه-: والله لقرابة رسول الله صلّى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي. وقال عمر بن الخطاب للعباس- رضي الله عنهما-: والله لإسلامك يوم أسلمت كان أحب إلي من إسلام الخطاب لو أسلم؛ لأن إسلامك كان أحب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم من إسلام الخطاب. فحال الشيخين- رضي الله عنهما- هو الواجب على كل أحد أن يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>