لاحظ الصلة بين قوله وتعالى في محور سورة يوسف من سورة البقرة: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا وبين ما ذكره الله عزّ وجل في سورة يوسف: تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ* إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ .. تجد أن التفصيل مركّز على معنى مستكن في المحور.
لاحظ الآن الصلة بين قوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا ..
وبين بداية سورة الزخرف حم* وَالْكِتابِ الْمُبِينِ* إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ* وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ فإنّك تلاحظ منذ الابتداء أن السورة تتحدث عن خصائص هذا القرآن المنزل على محمد صلّى الله عليه وسلم بما ينفي الريب والشك، كما تجد تشابها كاملا بين بداية سورة الزخرف وبداية سورة يوسف بما يؤكد وحدة المحور.
تتألف سورة الزخرف من مقدمة هي ثلاث آيات:
حم* وَالْكِتابِ الْمُبِينِ* إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ... ثم تأتي ثلاثة مقاطع كل مقطع مبدوء بقوله تعالى وَإِنَّهُ .. ، الأول: وَإِنَّهُ أي القرآن فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ والثاني: وَإِنَّهُ أي القرآن لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ .. الثالث وَإِنَّهُ أي القرآن- على رأي الحسن البصري وسعيد بن جبير- لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ ...
إنك تجد من بدايات المقاطع هذه أنّ الكلام منصب على خصائص هذا القرآن، وتجد فيها دعوة إلى الإيمان به، والتسليم له، والعمل به، فضلا عن نفي الريب عنه، فالسورة تخدم ما خدمته سورة يوسف.
إن موضوع المحور لا يستدعي تفصيلا كبيرا. وإنما يستدعي تأكيدا لمضمونه، وتدليلا على كمال هذا القرآن وإعجازه، وتبيانا لخصائصه وظواهره. وهذا الذي نجده في سورتي يوسف والزخرف.
وإذا كانت سورة الزخرف في سياقها العام تؤدي هذه الخدمة فإن لها سياقها الخاص الذي يؤدي خدمة أخرى. فكل آية وكل مجموعة تؤدي دورها على طريق الهداية.