للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَوَّلِينَ في البداية، وَقِيلِهِ يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ* فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ في النهاية، وقد رأينا أثناء عرض كل مقطع صلة ذلك المقطع بمحور السورة.

وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ.

هذا ويمكن أن نوجّه السياق في السورة وجهة أخرى، فالملاحظ أنه قد جاء بعد عدة آيات في السورة قوله تعالى وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ .. وقبل آيتين من آخرها جاء قوله تعالى وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ.

وقد اعتدنا في كثير من مقاطع السور أن نرى مقطعا مبدوءا ببداية ومنتهيا بنفس هذه البداية والمعنى هو الذي يحدد المسار، وهاهنا يمكن أن تتصور السورة على الشكل التالي.

تبدأ السورة بمقدمة هي: حم* وَالْكِتابِ الْمُبِينِ* إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ* وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ* أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ* وَكَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ* وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ* فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ.

وبعد المقدّمة يأتي قوله تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ.

وسارت السورة مصححة للعقائد التي هي سبب المواقف الخاطئة من الوحي والرسل، وتحدثت عن علة هذا كله أي: التقليد، وتحدثت عن أمّة رفضت فعوقبت، وتحدثت عن أمم اختلفت على أنبيائها فاستحقت عذاب الله في الآخرة، ثم وعظت وذكّرت، وأقامت الحجج حجة بعد حجة، وانتهى الحديث بمثل ما بدأ به. وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ .. فكانت السورة بهذا مقطعا واحدا.

ثم جاءت الخاتمة تبين أنه بعد هذا البيان كله لا يزال المشركون غير مؤمنين. وَقِيلِهِ يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ* فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>