ما نمت الليلة حتى أصبحت، قلت: لم؟ قالوا: طلع الكوكب ذو الذنب فخشيت أن يكون الدخان قد طرق فما نمت حتى أصبحت. وهكذا رواه ابن أبي حاتم عن أبيه، وإسناده صحيح إلى ابن عباس رضي الله عنهما حبر الأمة وترجمان القرآن، وهكذا قول من وافقه من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين مع الأحاديث المرفوعة من الصحاح والحسان وغيرهما، التي أوردوها بما فيه مقنع ودلالة ظاهرة على أن الدخان من الآيات المنتظرة مع أنه ظاهر القرآن، قال الله تبارك وتعالى فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ أي: بيّن واضح يراه كل أحد، وعلى ما فسره به ابن مسعود رضي الله عنه إنما هو خيال رأوه في أعينهم من شدة الجوع والجهد وهكذا قوله تعالى يَغْشَى النَّاسَ أي: يتغشاهم ويعميهم، ولو كان أمرا خياليا يخص أهل مكة المشركين لما قيل فيه يَغْشَى النَّاسَ وقوله تعالى هذا عَذابٌ أَلِيمٌ أي: يقال لهم ذلك تقريعا وتوبيخا كقوله عزّ وجل يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا* هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ (الطور: ١٣، ١٤) أو يقول بعضهم لبعض ذلك، وقوله سبحانه وتعالى:
وقال ابن كثير في قوله تعالى: يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ:
(فسر ذلك ابن مسعود رضي الله عنه بيوم بدر، وهذا قول جماعة ممن وافق ابن مسعود رضي الله عنه على تفسيره الدخان بما تقدم، وروى أيضا عن ابن عباس رضي الله عنهما من رواية العوفي عنه وعن أبي بن كعب رضي الله عنه وهو محتمل، والظاهر أن ذلك