بل له أن يقتله إن شاء لحديث: قتل النبي صلّى الله عليه وسلم النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط من أسارى بدر وقال ثمامة بن أثال لرسول الله صلّى الله عليه وسلم حين قال له: «ما عندك يا ثمامة؟» فقال: إن تقتل تقتل ذا دم وإن تمنن تمنن على شاكر، وإن كنت تريد المال فاسأل وتعط منه ما شئت. وزاد الشافعي رحمة الله عليه فقال: الإمام مخيّر بين قتله أو المن عليه أو مفاداته أو استرقاقه أيضا، وهذه المسألة محررة في علم الفروع. وقوله عزّ وجل حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها قال مجاهد: حتى ينزل عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، وكأنه أخذه من قوله صلّى الله عليه وسلم:«لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يقاتل آخرهم الدجال». وروى الإمام أحمد عن جبير بن نفير قال: إن سلمة بن نفيل أخبرهم أنه أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: إني سيبت الخيل، وألقيت السلاح، ووضعت الحرب أوزارها، وقلت لا قتال، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلم «الآن جاء القتال لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الناس يزيغ الله تعالى قلوب أقوام فيقاتلونهم ويرزقهم الله منهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك، ألا إن عقد دار المؤمنين بالشام والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة» وهكذا رواه النسائي من طريقين عن جبير بن نفير عن سلمة بن نفيل السكوني به وروى أبو القاسم البغوي عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: لما فتح على رسول الله صلّى الله عليه وسلم فتح فقالوا: يا رسول الله سيبت الخيل، ووضعت السلاح، ووضعت الحرب أوزارها قالوا: لا قتال، قال:«كذبوا الآن جاء القتال لا يزال الله تعالى يزيغ قلوب قوم يقاتلونهم فيرزقهم منهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك، وعقد دار المسلمين بالشام» وهكذا رواه الحافظ أبو يعلى الموصلي عن داود بن رشيد به، والمحفوظ أنه من رواية سلمة بن نفيل كما تقدم، وهذا يقوي القول بعدم النسخ كأنه شرع هذا الحكم في الحرب إلى أن لا يبقى حرب وقال قتادة: حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها حتى لا يبقى شرك، وهذا قوله تعالى وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ثم قال بعضهم: حتى تضع الحرب أوزارها أي أوزار المحاربين، وهم المشركون، بأن يتوبوا إلى الله عزّ وجل، وقيل أوزار أهلها بأن يبذلوا الوسع في طاعة الله تعالى).
وبمناسبة قوله تعالى: إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ. قال صاحب الظلال: (والإثخان: شدة التقتيل، حتى تتحطم قوة العدو وتتهاوى، فلا تعود به قدرة على هجوم أو دفاع. وعندئذ- لا قبله- يؤسر من استأسر ويشد وثاقه. فأما والعدو ما يزال قويا فالإثخان والتقتيل يكون الهدف لتحطيم ذلك الخطر.