للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١٥ - بمناسبة قوله تعالى: وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى قال ابن كثير: (ومن هذه الآية الكريمة استنبط الشافعي رحمه الله ومن اتبعه أن القراءة لا يصل إهداء ثوابها إلى الموتى؛ لأنه ليس من عملهم ولا كسبهم، ولهذا لم يندب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته ولا حثهم عليه، ولا أرشدهم إليه بنص ولا إيماء، ولم ينقل ذلك عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم، ولو كان خيرا لسبقونا إليه، وباب القربات يقتصر فيه على النصوص ولا يتصرف فيه بأنواع الأقيسة والآراء، فأما الدعاء والصدقة فذاك مجمع على وصولهما، ومنصوص من الشارع عليهما.

وأما الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: من ولد صالح يدعو له، أو صدقة جارية من بعده، أو علم ينتفع به» فهذه الثلاثة في الحقيقة هي من سعيه وكده وعمله، كما جاء في الحديث: «إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه» والصدقة الجارية كالوقف ونحوه هي من آثار عمله ووقفه، وقد قال تعالى:

إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ الآية، والعلم الذي نشره في الناس فاقتدى به الناس بعده هو أيضا من سعيه وعمله، وثبت في الصحيح: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيئا»). أقول: وفي وصول ثواب التلاوة إلى الأموات خلاف بين كثير من العلماء حتى ألفت في ذلك كتب. قال الألوسي: (وفي الأذكار للنووي عليه الرحمة: المشهور من مذهب الشافعي رضي الله تعالى عنه وجماعة أنها لا تصل، وذهب أحمد بن حنبل وجماعة من العلماء ومن أصحاب الشافعي إلى أنها تصل، فالاختيار أن يقول القارئ بعد فراغه: اللهم أوصل ثواب ما قرأته إلى فلان، والظاهر أنه إذا قال ذلك ونحوه- كوهبت ثواب ما قرأته لفلان- بقلبه كفى).

١٦ - بمناسبة قوله تعالى: وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى قال ابن كثير: (وروى ابن أبي حاتم عن عمرو بن ميمون الأودي قال: قام فينا معاذ بن جبل فقال: «يا بني أود إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم، تعلمون أن المعاد إلى الله إلى الجنة أو إلى النار» وذكر البغوي من رواية أبي جعفر عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى قال: لا فكرة في الرب. قال البغوي وهذا مثل ما روي عن أبي هريرة مرفوعا: «تفكروا في الخلق ولا تفكروا في الخالق، فإنه لا تحيط به الفكرة» وكذا أورده وليس بمحفوظ بهذا اللفظ، وإنما الذي في الصحيح: «يأتي الشيطان

<<  <  ج: ص:  >  >>