وَلَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ* كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ (الآيتان: ٤١، ٤٢). ومن تأمل هذه الآيات وجد صلتها بقوله تعالى:
سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ* واضحة، والحقيقة أن السورة كلها- تقريبا- حديث عن الإنذار، والتكذيب، وعدم استفادة الكافرين من الإنذار، وجزائهم في الدنيا والآخرة، وهذا كله يؤكد صلة السورة بالمحور الذي ذكرناه.
...
وقد رأينا أن آخر سورة النجم كان: هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى * أَزِفَتِ الْآزِفَةُ ... والملاحظ أن سورة القمر تبدأ بالكلام عن اقتراب الساعة، وتتحدث عن مجموعة من النذر الأولى، كما تتحدث عن القرآن فتتكرر بها اللازمة وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ* وهكذا نجد أن سورة القمر ترتبط بالمعاني التي ذكرت في أواخر سورة النجم، وبذلك نرى أن هذا القرآن تتعانق سوره، وتتعانق زمره، وتتعانق معانيه بهذا الشكل المعجز العجيب، الذي لا يخطر على قلب بشر، فضلا عن أن يستطيعه بشر. ولنبدأ عرض سورة القمر، فإن وضوح صلتها بمحورها لا يستدعي منا وقوفا طويلا وسنعرض السورة على ثلاث مجموعات:
المجموعة الأولى: وتمتد حتى نهاية الآية: (٨).
المجموعة الثانية: وتمتد حتى نهاية الآية: (٤٢).
المجموعة الثالثة: وتمتد حتى نهاية الآية: (٥٥).
والمجموعات الثلاث تتعانق معانيها مع كونها تفصل في محور السورة من سورة البقرة.