٤ - بمناسبة قوله تعالى: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ* قال النسفي: (وقيل (أي في معنى الآية) ولقد سهلناه للحفظ وأعنا عليه من أراد حفظه فهل من طالب لحفظه ليعان عليه) وقال ابن كثير: أي سهلنا حفظه ويسرنا معناه، لمن أراده ليتذكر الناس، كما قال: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ وقال تعالى: فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا قال مجاهد: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ* يعني: هونا قراءته. وقال السدي: يسرنا تلاوته على الألسن. وقال الضحاك عن ابن عباس: لولا أن الله يسره على لسان الآدميين ما استطاع أحد من الخلق أن يتكلم بكلام الله عزّ وجل.
(قلت): ومن تيسيره تعالى على الناس تلاوة القرآن ما تقدم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
«إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف». أقول: ذكرت هذه الآية خاصية من خواص هذا القرآن الكثيرة، وهي أن القرآن مع كونه تحدث عن كل شئ فإنه يقرؤه العامي ويستشعر أنه يفهمه، وأعظم الناس علما وثقافة يقرؤه ويستشعر أنه يفهمه، وهذا يأخذ منه على قدره، وهذا يأخذ منه على قدره، ومن تأمل هذه الظاهرة وحدها أيقن أن هذا القرآن من عند الله، لأن أحدا ما لا يقدر على مثل ذلك من البشر.
٥ - رأينا كيف أن قوم صالح كان من كلامهم: أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ وهذا يدلنا على أن من أخلاق الكافرين رفض تسليم القياد للقيادة الراشدة، وهذه قضية يجب أن يلاحظها المسلم في ذاته، بأن يجعل ذاته تسلم لأهل الحق في القيادة حقهم، فالقيادة والطاعة والولاء في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بعد وفاته عليه الصلاة والسلام يكون حق الطاعة في المعروف لمن قدمه الصف الراشد للقيادة من خلال الشورى، وللمسألة صور ولكل صورة أحكامها، وعلى الأمير الراشد أن يقود الناس بالكتاب والسنة، فعن الشورى تنبثق القيادة، والقيادة تقيم الكتاب والسنة، وتستشير في أمر المسلمين أهل شوراهم لاتخاذ القرار السليم، والمسلم مكلف أن يطيع أميره في المعروف، وهكذا تلتقي في هذه الشريعة أجود ما تحكم به العقول دون ما تصبو إليه النزوات، وذلك من فضل الله على العالمين أن هدى الناس إلى ما فيه رشادهم في كل شئ.
٦ - بمناسبة قوله تعالى: أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ نقول: إن نغمة (بالوحدة يكون كل شئ) بوحدة الشعب، أو بوحدة الأمة، بصرف النظر عن