للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ.

- ومن امتدادات الآيتين قوله تعالى: وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ وتبدأ سورة الرحمن بذكر اسم الله الرحمن الرَّحْمنُ ثم ترينا مظاهر رحمته.

- ويأتي بعد قوله تعالى: وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ في سورة البقرة آية إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ويأتي في سورة الرحمن تفصيل لذلك رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ. وتختم السورة بالتبشير والإنذار كما جاء بعد آيتي المحور من سورة البقرة:

فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ* وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيها خالِدُونَ فلقد ختمت سورة الرحمن بالكلام عن النار وعن الجنات، وثمارها وأنهارها وحورها وغير ذلك، ولكن هذه المعاني في سورة الرحمن مصاغة صياغة جديدة، ومبني عليها ما يقتضيه البناء مع تفصيلات وزيادات وضمن سياق خاص للسورة.

فالسورة لها سياقها الخاص بها، وهي تفصل في محورها، وتأخذ محلها بين مجموعتها.

...

وآيتا المحور في البقرة بدأتا بنداء الناس، ومن المعلوم أنه كما إن الإنس مكلفون فالجن مكلفون، وجاءت سورة الرحمن لتوجه الخطاب للإنس والجن.

...

وقد ذكر في سورة الذاريات وسورة النجم الإحسان، وسنرى في سورة الرحمن قوله تعالى: هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ ورأينا في سورة الطور أن الإشفاق خلق من أخلاق المتقين، ونجد في سورة الرحمن قوله تعالى: وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ وهذا مظهر من مظاهر تكامل سور المجموعة، وسيتضح لنا محل سورة الرحمن

<<  <  ج: ص:  >  >>