الحسنى- كما جاءت في القرآن والسنة- تدل على أن الله- عزّ وجل- في الإسلام متصف بصفات الجلال والجمال وهو الحق، ولكنهم يغالطون مستغلين جهل الناس بالإسلام، فيزعمون أن الله في الإسلام ليس له إلا صفات القهر، بينما الله في النصرانية- على زعمهم- متصف بصفات الرحمة. إن مثل هذا الكلام يرده من عرف فاتحة القرآن فقط، ثم إن الله عزّ وجل في القرآن متصف ومسمى بالأسماء التي تدلنا عليها ظواهر الكون نفسها- كما أثبتنا ذلك في كتابنا (الله جل جلاله) - فليس في العالم كله تصور أصفى وأكمل وأعلى من معرفة المسلم لله عزّ وجل، ثم إن الكتب السماوية كلها قبل تحريفها وتبديلها إنما تعرف على الله بما عرف عليه القرآن.
٢ - بمناسبة قوله تعالى: الرَّحْمنُ* عَلَّمَ الْقُرْآنَ* خَلَقَ الْإِنْسانَ* عَلَّمَهُ الْبَيانَ قال صاحب الظلال: (فلننظر كيف يكون البيان؟: وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ.
إن تكوين جهاز النطق وحده عجيبة لا ينقضي منها العجب ... اللسان والشفتان والفك والأسنان. والحنجرة والقصبة الهوائية والشعب والرئتان ... إنها كلها تشترك في عملية التصويت الآلية وهي حلقة في سلسلة البيان. وهي على ضخامتها لا تمثل إلا الجانب الميكانيكي الآلي في هذه العملية المعقدة، المتعلقة بعد ذلك بالسمع والمخ والأعصاب. ثم بالعقل الذي لا نعرف عنه إلا اسمه. ولا ندري شيئا عن ماهيته وحقيقته. بل لا نكاد ندري شيئا عن عمله وطريقته!
كيف ينطق الناطق باللفظ الواحد؟ إنها عملية معقدة كثيرة المراحل والخطوات والأجهزة. مجهولة في بعض المراحل خافية حتى الآن.
إنها تبدأ شعورا بالحاجة إلى النطق بهذا اللفظ لأداء غرض معين. هذا الشعور ينتقل- لا ندري كيف- من الإدراك أو العقل أو الروح إلى أداة العمل الحسية ... المخ ...
ويقال: إن المخ يصدر أمره عن طريق الأعصاب بالنطق بهذا اللفظ المطلوب. واللفظ ذاته مما علمه الله للإنسان وعرفه معناه. وهنا تطرد الرئة قدرا من الهواء المختزن فيها، ليمر من الشعب إلى القصبة الهوائية إلى الحنجرة وحبالها الصوتية العجيبة التي لا تقاس إليها أو تار أية آلة صوتية صنعها الإنسان. ولا جميع الآلات الصوتية المختلفة الأنغام! فيصوت الهواء في الحنجرة صوتا تشكله حسبما يريد العقل ... عاليا أو خافتا. سريعا أو بطيئا. خشنا أو ناعما. ضخما أو رفيعا ... إلى آخر أشكال الصوت وصفاته.