صلى الله عليه وسلم، فكانت هذه الفقرة بعد تلك تأنيبا ودعوة لليهود، ودرسا لهذه الأمة ألا يكون حملها لكتابها كحمل اليهود، وألا يكون لها دعاوى كاذبة، وأن تكون مستعدة للقاء الله عزّ وجل.
٢ - حدد الله عزّ وجل في أول سورة البقرة صفات المتقين التي من جملتها وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وحصر الفلاح والهداية فيهم فقال: أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ بينما اليهود يدعون أنهم هم أولياء الله عزّ وجل، وقد نقض الله زعمهم ذلك بتحديهم، وفي ذلك إثبات أن ولايته عزّ وجل محصورة بهذه الأمة.
٣ - في مقدمة سورة البقرة كلام عن الكافرين الذين ختم الله على قلوبهم، وفي الفقرة التي مرت معنا قال الله عزّ وجل: وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ بعد أن ذكر أوصاف هؤلاء الظالمين فعلمنا بذلك بعض هؤلاء الذين يستحقون الختم على قلوبهم بسبب أعمالهم.
٤ - في مقدمة سورة البقرة ورد قوله تعالى: الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ وفي الفقرة التي مرت معنا درس لأهل الإيمان في ألا يكون حملهم لكتاب الله كحمل اليهود للتوراة، ومن ثم ورد قوله تعالى: بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ.
٥ - يلاحظ أنه قد ورد في سورة البقرة في الآيات (٩٤ - ٩٦) ما يلي:
قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ* وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ وهو نفس المعنى الذي تعرضت له سورة الجمعة، مما يشير إلى أن هذا المعنى في سورة البقرة مشدود إلى مقدمتها بصلة.
٦ - وبعد الدرس الذي أعطاه الله عزّ وجل للمؤمنين في الفقرة الثانية يتجه الآن الخطاب في الفقرة الثالثة إلى المؤمنين في موضوع هو من أخطر المواضيع الحساسة في حياة الأمة الإسلامية، وهو صلاة الجمعة، يأتي هذا بعد أن رفع الله عزّ وجل الاستعداد للتلقي عند المسلم إلى أعلاه بهذا المثل الذي ضربه الله عن اليهود في حملهم السيئ للتوراة، فلنر الفقرة الثالثة.