في قوله: وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وهو ذكر لغيرهم يتذكرون به، وكذا قال تعالى: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ وهذا وأمثاله لا ينافي قوله تعالى: قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً وقوله: لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ وقوله تعالى إخبارا عن القرآن: وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ إلى غير ذلك من الآيات الدالة على عموم بعثته صلوات الله وسلامه عليه إلى جميع الخلق أحمرهم وأسودهم، وهذه الآية هي مصداق إجابة الله لخليله إبراهيم حين دعا لأهل مكة أن يبعث الله فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، فبعثه الله سبحانه وتعالى- وله الحمد والمنة- على حين فترة من الرسل، وطموس من السبل، وقد اشتدت الحاجة إليه، وقد مقت الله أهل الأرض عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب، أي: نزرا يسيرا ممن بقي على ما بعث الله به عيسى ابن مريم عليه السلام ولهذا قال تعالى: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ وذلك لأن العرب كانوا قديما متمسكين بدين إبراهيم الخليل عليه السلام، فبدلوه وغيروه وقلبوه وخالفوه، واستبدلوا بالتوحيد شركا، وباليقين شكا، وابتدعوا أشياء لم يأذن بها الله، وكذلك أهل الكتاب قد بدلوا كتبهم وحرفوها وغيروها، وأولوها، فبعث الله محمدا صلوات الله وسلامه عليه بشرع عظيم كامل شامل لجميع الخلق، فيه هدايتهم، والبيان لجميع ما يحتاجون إليه من أمر معاشهم ومعادهم، والدعوة لهم إلى ما يقربهم إلى الجنة، ورضا الله عنهم، والنهي عما يقربهم إلى النار وسخط الله تعالى، حاكم فاصل لجميع الشبهات والشكوك والريب في الأصول والفروع، وجمع له تعالى- وله الحمد والمنة- جميع المحاسن ممن كان قبله، وأعطاه ما لم يعط أحدا من الأولين، ولا يعطيه أحدا من الآخرين، فصلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين).
وقال صاحب الظلال: (قيل إن العرب سموا الأميين لأنهم كانوا لا يقرءون ولا يكتبون- في الأعم الأغلب- وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الشهر هكذا وهكذا وهكذا وأشار بأصابعه وقال: «إنا نحن أمة أمية لا نحسب ولا نكتب» ...
وقيل: إنما سمي من لا يكتب أميا لأنه نسب إلى حال ولادته من الأم، لأن الكتابة إنما تكون بالاستفادة والتعلم.
وربما سموا كذلك كما كان اليهود يقولون عن غيرهم من الأمم: إنهم «جوييم»