للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واضحة ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يلفت النظر إلى أن غير العرب كذلك سيكون لهم حظ أعلى من هذا الدين، فذكر الفرس، والآية كما فسرناها أقوى رد على من يزعم من العرب أن هذا الإسلام لجيل انتهى، وأن هذا الجيل لا يخاطب به، وأقوى دعوة لعرب اليوم من أجل أن يلحقوا بالسابقين من أسلافهم، وأعظم حجة على أن العرب في كل الأجيال هم المخاطبون الأوائل بهذه الرسالة، ومن ثم فعليهم بالدرجة الأولى تقع مسئولية حملها، ولهم حق القيادة إن قاموا بحقها، ويشهد ذلك قوله تعالى من قبل:

وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ فالاستبدال يكون في حال التولي، فمتى يعقل عرب اليوم هذا؟ وقوله تعالى: لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ فيه إشارة إلى فضل السابقين، ولذلك قال الألوسي بمناسبة هذه الآية: (وقد صرحوا أنه لا يبلغ تابعي- وإن جل قدرا- في الفضل مرتبة صحابي، وإن لم يكن من كبار الصحابة، وقد سئل عبد الله بن المبارك عن معاوية، وعمر بن عبد العزيز أيهما أفضل؟ فقال:

الغبار الذي دخل أنف فرس معاوية أفضل عند الله من مائة عمر بن عبد العزيز؛ فقد صلى معاوية خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ الخ فقال معاوية: آمين، واستدل على عدم اللحوق بما صح من قوله عليه الصلاة والسلام فيهم: «لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه» على القول بأن الخطاب لسائر الأمة، وأما قوله صلى الله تعالى عليه وسلم: «أمتي كالمطر لا يدرى أوله خير أم آخره» فمبالغة في خيريتهم كقول القائل في ثوب حسن البطانة: لا يدرى ظهارته خير أم بطانته).

٣ - بمناسبة قوله تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً قال ابن كثير: (وروى الإمام أحمد رحمه الله عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كمثل الحمار يحمل أسفارا، والذي يقول له أنصت ليس له جمعة»). أقول: إن هذا الحديث يدل على أن ذكر الجمعة والأمر به في سياق هذه السورة مرتبط بالمعاني التي تقدمته وسبقته فكانت مقدمة له.

٤ - بمناسبة الكلام عن اليهود وعدم تمنيهم الموت في قوله تعالى: وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً ... قال ابن كثير: (وقد قدمنا الكلام في سورة البقرة على هذه المباهلة لليهود حيث قال تعالى: قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>