للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وشائج متشابكة دقيقة في التركيب العاطفي، وفي ملابسات الحياة سواء. فالأزواج والأولاد قد يكونون مشغلة وملهاة عن ذكر الله. كما أنهم قد يكونون دافعا للتقصير في تبعات الإيمان اتقاء للمتاعب التي تحيط بهم لو قام المؤمن بواجبه فلقي ما يلقاه المجاهد في سبيل الله! والمجاهد في سبيل الله يتعرض لخسارة الكثير، وتضحية الكثير. كما يتعرض هو وأهله للعنت. وقد يحتمل العنت في نفسه ولا يحتمله في زوجه وولده. فيبخل ويجبن ليوفر لهم الأمن والقرار أو المتاع والمال! فيكونون عدوا له، لأنهم صدوه عن الخير، وعوقوه عن تحقيق غاية وجوده الإنساني العليا. كما أنهم قد يقفون له في الطريق يمنعونه من النهوض بواجبه، اتقاء لما يصيبهم من جرائه، أو لأنهم قد يكونون في طريق غير طريقه، ويعجز هو عن المفاصلة بينه وبينهم والتجرد لله ... وهي كذلك صور من العداوة متفاوتة الدرجات ... وهذه وتلك مما يقع في حياة المؤمن في كل آن.

ومن ثم اقتضت هذه الحال المعقدة المتشابكة التحذير من الله؛ لإثارة اليقظة في قلوب الذين آمنوا، والحذر من تسلل هذه المشاعر، وضغط هذه المؤثرات).

٣ - وبمناسبة قوله تعالى: إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ قال ابن كثير:

(روى الإمام أحمد عن عبد الله بن بريدة قال: سمعت أبا بريدة يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فجاء الحسن والحسين رضي الله عنهما عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنبر فحملهما فوضعهما بين يديه ثم قال: «صدق الله ورسوله إنما أموالكم وأولادكم فتنة؛ نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما» ورواه أهل السنن من حديث حسين بن واقد به، وقال الترمذي: حسن غريب إنما نعرفه

من حديثه، وروى الإمام أحمد عن الشعبي حدثنا الأشعث بن قيس قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد كندة فقال لي: «هل لك من ولد؟» قلت: غلام ولد لي في مخرجي إليه من ابنة حمد، ولوددت أن بمكانه سبع القوم فقال: «لا تقلن ذلك فإن فيهم قرة عين وأجرا إذا قبضوا» ثم قال: «ولئن قلت ذاك إنهم لمجبنة محزنة إنهم لمجبنة محزنة» تفرد به أحمد، وروى الحافظ أبو بكر البزار عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الولد ثمرة القلوب وإنهم مجبنة محزنة» ثم قال: لا نعرفه إلا بهذا الإسناد).

٤ - بمناسبة قوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ قال ابن كثير: (كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم

<<  <  ج: ص:  >  >>