بالله عزّ وجل، فالإيمان بالله يتفرع عنه الإيمان بأركان الإيمان، والتقوى أثر عنه، ومن ثم كان تفصيلها لمقدمة سورة البقرة تفصيلا من نوع جديد، إذ إن فيها تركيزا على الأوليات، وعلى ما ينبغي أن ينبثق عنها عمليا، وقد ختمت المسبحات بسورة التغابن التي هي بداية لمجموعة تفصل في محاور سور خمس من القسم الأول- قسم الطوال- بينما كان ما قبلها من المجموعات يفصل فيما دون ذلك، مما يشير إلى أنه بانتهاء المسبحات يكون قد ثم تفصيل كامل للمعاني القرآنية الرئيسية، وذلك في قسم المفصل، وكان للمسبحات ومجموعاتها في هذا التفصيل الدور الأعظم. وسورة التغابن ركزت في مواضيع مقدمة سورة البقرة العملية تركيزا شديدا، وركزت على موضوع السمع والطاعة كثيرا كمقدمة لسورة الطلاق ذات الأحكام التشريعية، وركزت على موضوع الفتنة في الأولاد والأزواج كمقدمة لسورة التحريم التي فيها ذكر لموضوع الأهل والزوجات، وركزت على موضوع الخلق كمقدمة لسورة الملك التي هي تفصيل لهذا المقام، وركزت في موضوع الفتنة بالأموال كمقدمة لسورة (القلم) التي تعرض قصة أصحاب الجنة وفتنتهم، ومن هذا ندرك أن سورة التغابن مقدمة لمجموعتها، وبهذه المناسبة نقول: إن مقدمة سورة البقرة كانت المقدمة المناسبة لما بعدها، وأن ما بعدها كان مناسبا لما بعده وهكذا، وفي كل مرة يأتي تفصيل جديد لسورة البقرة فإن تناسقا ما يكون بين سور المجموعات المفصلة، فما كان تفصيلا لمقدمة سورة البقرة يكون مقدمة لما بعده، ومرتبطا به برباط وثيق، فالسورة التي تفصل في مقدمة سورة البقرة هي نفسها مقدمة مناسبة لما بعدها، والسور التي تفصل فيما بعدها ترتبط بها كرباط ما بعد مقدمة سورة البقرة بمقدمتها، بحيث تلقي المقدمة أضواءها على ما بعدها، ويلقي ما بعد المقدمة أضواءه على المقدمة، وكل ذلك بشكل مدهش عجيب. فلنر الآن سورة الطلاق أو سورة النساء الصغرى.