الموت والحياة، وحكمة ذلك، ثم تحدثت عن خلقه السموات ودقة الخلق، وأمرت بتكرار النظر للوصول من خلاله إلى اليقين الكامل، ثم تحدثت عن تزيين السماء الدنيا بالكواكب، ورجم الشياطين بها؛ ليصل النص إلى الكلام عن عذاب الشياطين والكافرين يوم القيامة، ودخولهم النار، وتوبيخ الملائكة لهم، واعتراف الكافرين بمواقفهم التي استحقوا بها العقاب، واعترافهم أنهم كانوا بلا سمع ولا عقل، وفي هذا السياق يحدثنا الله عزّ وجل عن الذين يستحقون مغفرته وجنته، وهم الذين يخشون ربهم بالغيب، ومجئ هذا المعنى في سياق إقامة الحجة على الكافرين يوحي بأن المظهر الحقيقي للإيمان بالله هو خشية الله عزّ وجل، وهاهنا يذكرنا الله عزّ وجل بما يستثير في قلوبنا الخشية منه، وهو علمه بسرنا وجهرنا، ويذكر لنا الدليل على ذلك أنه هو الذي خلق هذا السر والجهر، ومن تأمل هذه المعاني وجدها على صلة كاملة بقوله تعالى في المحور: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ* هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.
٣ - يلاحظ أن الفقرة الثانية من سورة الملك تبدأ بقوله تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ وهي كما ترى شديدة الصلة بالآية الثانية من المحور هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وكذلك بقية الفقرة، فكأن الفقرة الأولى أشد لصوقا بمعاني الآية الأولى من المحور، والفقرة الثانية أشد لصوقا بمعاني الآية الثانية.