٤ - في الحديث الصحيح:«عجب ربك من قوم يقادون إلى الجنة في السلاسل».
وفي الحديث الآخر الذي رواه الإمام أحمد عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل:
«أسلم». قال: إني أجدني كارها. قال:«وإن كنت كارها».
قد يفهم فاهم أن هذين الحديثين يتنافيان مع قوله تعالى لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ وليس هذا صحيحا. فالحديث الأول في الأسارى الذين يقدم بهم إلى بلاد الإسلام في الوثاق، والأغلال، والقيود، والأكبال. ثم بعد ذلك يسلمون، وتصلح أعمالهم، وسرائرهم.
فيكونون من أهل الجنة. وليس في الحديث ما يدل على الإكراه. وأما الحديث الثاني فليس فيه ما يدل على الإكراه. بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه إلى الإسلام. فأخبره بأن نفسه ليست قابلة له بل هي كارهة فقال له: أسلم وإن كنت كارها فإن الله سيرزقك حسن النية والإخلاص.
٥ - عن عبد الله بن سلام: إني رأيت رؤيا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقصصتها عليه: رأيت كأني في روضة خضراء. قال ابن عون: فذكر خضرتها، وسعتها- وفي وسطها عمود حديد. أسفله في الأرض، وأعلاه في السماء. في أعلاه عروة. فقيل لي:
اصعد عليه. فقلت: لا أستطيع. فجاءني منصف- قال ابن عون: هو الوصيف- فرفع ثيابي من خلفي فقال: اصعد، فصعدت حتى أخذت بالعروة. فقال: استمسك بالعروة فاستيقظت، وإنها لفي يدي. فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أما الروضة، فروضة الإسلام. وأما العمود، فعمود الإسلام. وأما العروة، فهي العروة الوثقى. أنت على الإسلام حتى تموت». أخرجاه في الصحيحين. ومن ثم كان الصحابة يقولون عن عبد الله بن سلام: من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا.
٦ - كنا ذكرنا قبل تفسير آية الكرسي شيئا عن الصلة بين آية الكرسي، وهذه الآية فبعد أن ذكر الله في آية الكرسي صفاته العليا بهذا البيان، ناسب أن يبين أن الإيمان به، والكفر بالطاغوت هو المقام الصحيح. وأن هذا ينبغي أن يكون على طواعية. لأن الأمر أوضح من أن يكون ملتبسا .. فالله غني عن خلقه، لا يريد استكراههم، وهو
سيحاسبهم.
٧ - في كتابنا (الله جل جلاله) رأينا كيف أن ظواهر الكون تدلنا على الله وصفاته بمحض التفكر. ورأينا أن ما دلتنا عليه ظواهر الكون عقلا، هو الذي يتفق مع ما ورد في الإسلام نقلا في هذا الموضوع. فالكلام عن الله عزّ وجل في الكتاب الكريم بمثل هذا