وسنرى سورا أخرى تشبههما في هذا المجال، ولعل في هذا الذي ذكرناه سر التشابه بين هذه السور وإن اختلفت المحاور.
لقد رأينا سورا تعرفنا على الله، ثم تنطلق من خلال التعريف عليه جل جلاله، إلى البناء على ذلك ما ينبغي أن يبنى من إيمان وعمل.
ولقد رأينا سورا تذكرنا بإعجاز القرآن، ثم تنطلق لتبني على كون هذا القرآن من عند الله ما ينبغي أن يبنى من إيمان وعمل.
ورأينا سورا تعرفنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم تنطلق لتبني على ذلك ما ينبغي أن يبنى من إيمان وعمل، وكل ذلك يأتي أحيانا بشكل دوري، وأحيانا بشكل متباعد، والإنسان أعجز من أن يحيط بأسرار هذا القرآن، فلو أن عقول الأولين والآخرين اجتمعت لتحيط بكل أسرار هذا القرآن لما كان لها إلى ذلك سبيل، فكما أن الله حدثنا عن ذاته فقال: وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً فإن كتابه كذلك، لقد سمى الله كتابه روحا فقال: وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا وقال عن الروح الإنسانية:
وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا وما يقال عن روح الإنسان يقال عن القرآن، مع ملاحظة أن كون القرآن روحا هو إحدى خصائصه التي بسببها مع غيره يعجز الإنسان عن أن يأتي بمثل هذا القرآن.