للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التنبؤ به. وأعلن القرآن تحرير العقل البشري من كل وهم وكل زعم من هذا القبيل! وأعلن رشد البشرية منذ ذلك اليوم وتحررها من الخرافات والأساطير!).

٤ - بمناسبة قوله تعالى: وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ قال ابن كثير: (وروى أحمد بن سليمان النجاد في أماليه: ... عن أبي معاوية قال: سمعت الأعمش يقول: تروح إلينا جني فقلت له: ما أحب الطعام إليكم؟ فقال: الأرز، قال: فأتيناهم به فجعلت أرى اللقم ترفع ولا أرى أحدا، فقلت: فيكم من هذه الأهواء التي فينا؟ قال: نعم، فقلت: فما الرافضة فيكم؟ قال: شرنا. عرضت هذا الإسناد على شيخنا الحافظ أبي الحجاج المزي فقال: هذا إسناد صحيح إلى الأعمش).

أقول: لم يزل عدول في هذه الأمة جيلا بعد جيل يخبروننا عن صلة للجن المؤمنين بهم، وما أكثر الوقائع التي يحسها الناس في أمر الجن، فإن تجد بعد النصوص، وبعد الوقائع من يتأول النصوص الواردة في هذا الشأن فذلك علامة على انطماس البصيرة.

٥ - بمناسبة قوله تعالى: وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ذكر صاحب الظلال بعض الحقائق التي يدلنا عليها النص فقال:

(والحقيقة الأولى: هي الارتباط بين استقامة الأمم والجماعات على الطريقة الواحدة الواصلة إلى الله، وبين إغداق الرخاء وأسبابه؛ وأول أسبابه توافر الماء واغدوداقه.

وما تزال الحياة تجري على خطوات الماء في كل بقعة. وما يزال الرخاء يتبع هذه الخطوات المباركة حتى هذا العصر الذي انتشرت فيه الصناعة، ولم تعد الزراعة هي

المصدر الوحيد للرزق والرخاء. ولكن الماء هو الماء في أهميته العمرانية.

وهذا الارتباط بين الاستقامة على الطريقة وبين الرخاء والتمكين في الأرض حقيقة قائمة. وقد كان العرب في جوف الصحراء يعيشون في شظف، حتى استقاموا على الطريقة، ففتحت لهم الأرض التي يغدودق فيها الماء، وتتدفق فيها الأرزاق. ثم حادوا عن الطريقة فاستلبت منهم خيراتهم استلابا. وما يزالون في نكد وشظف، حتى يفيئوا إلى الطريقة، فيتحقق فيهم وعد الله.

وإذا كانت هناك أمم لا تستقيم على طريقة الله، ثم تنال الوفر والغنى، فإنها تعذب بآفات أخرى في إنسانيتها أو أمنها أو قيمة الإنسان وكرامته فيها، تسلب عن ذلك الغنى والوفر معنى الرخاء. وتحيل الحياة فيها لعنة مشئومة على إنسانية الإنسان وخلقه وكرامته وأمنه وطمأنينته.

<<  <  ج: ص:  >  >>