للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صحيح ابن خزيمة عن أبي هريرة مرفوعا: «لا تجزئ صلاة من لم يقرأ بأم القرآن»).

أقول: هذه القضية خلافية، وكل ما استدل به غير الحنفية عليهم جعله الحنفية حجة لهم على من خالفهم، وليس هاهنا محل بسط هذه الأقوال، وإنما ذكرت هذا هاهنا ليعلم أن ما قاله ابن كثير ليس هو القول الفصل.

٧ - عند قوله تعالى: عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قال النسفي: (سوى بين المجاهد والمكتسب؛ لأن كسب الحلال جهاد، قال ابن مسعود رضي الله عنه:

أيما رجل جلب شيئا إلى مدينة من مدائن المسلمين صابرا محتسبا، فباعه بسعر يومه كان عند الله من الشهداء، وقال ابن عمر رضي الله عنهما: ما خلق الله موتة أموتها بعد القتل في سبيل الله أحب إلي من أن أموت بين شعبتي رحل، أضرب في الأرض أبتغي من فضل الله). وقال ابن كثير: (أي: علم أن سيكون من هذه الأمة ذوو أعذار في ترك قيام الليل، من مرضى لا يستطيعون ذلك، ومسافرين في الأرض يبتغون من فضل الله في المكاسب والمتاجر، وآخرين مشغولين بما هو الأهم في حقهم من الغزو في سبيل الله، وهذه الآية- بل السورة كلها- مكية، ولم يكن القتال شرع بعد، فهي من أكبر دلائل النبوة لأنه من باب الإخبار بالمغيبات المستقبلة).

٨ - عند قوله تعالى: فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ الثانية قال ابن كثير: (أي:

قوموا بما تيسر عليكم منه، روى ابن جرير عن أبي رجاء محمد قال: قلت للحسن:

يا أبا سعيد، ما تقول في رجل قد استظهر القرآن كله عن ظهر قلبه، ولا يقوم به إنما يصلي المكتوبة؟ قال: يتوسد القرآن لعن الله ذلك، قال الله تعالى للعبد الصالح:

وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ قلت: يا أبا سعيد، قال الله تعالى: فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ قال: نعم ولو خمس آيات، وهذا ظاهر من مذهب الحسن البصري أنه كان يرى حقا واجبا على حملة القرآن أن يقوموا ولو بشيء منه في الليل، ولهذا جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن رجل نام حتى أصبح فقال: «ذاك رجل بال الشيطان في أذنه» فقيل معناه نام عن المكتوبة، وقيل عن قيام الليل: وفي السنن: «أوتروا يا أهل القرآن» وفي الحديث الآخر: «من لم يوتر فليس منا» وأغرب من هذا ما حكي عن أبي بكر بن عبد العزيز

<<  <  ج: ص:  >  >>