للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا النوع من الناس لا ينفع معه إنذار، ويستحق الإضلال، ومن ثم أمر الله عزّ وجل رسوله صلى الله عليه وسلم أن يكل أمر هذا النوع من الناس إليه، ولو تأملنا الصفات

التي ذكرناها فإننا نجد فيها نقض ميثاق، وقطعا لما أمر الله به أن يوصل، وإفسادا في الأرض، ومن ثم استحق صاحبه الخسارة في الدنيا والآخرة، ولذلك صلته بمحور السورة: وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ* الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ.

٢ - رأينا في الفقرة ماذا يستحق هذا النوع من الناس من قطع ورود النعمة عنه، ومن استحقاقه العذاب الشاق يوم القيامة، ومن إدخاله النار، وفي ذلك إنذار للخلق من أن يسيروا على طريق مثل هذا، وصلة ذلك بسياق السورة الخاص وهو الإنذار وما يتعلق به واضحة، ومن ثم ختمت الفقرة بقوله تعالى: وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ.

٣ - النموذج الذي توافرت فيه هذه الصفات كلها في زمن النبوة هو الوليد ابن المغيرة، كما سنرى في أسباب النزول، ولكنه نموذج يتكرر في الحياة البشرية دائما، وإذ يذكر الله عزّ وجل هذا النموذج إبان نزول القرآن، فذلك معجزة قرآنية إذ تذكر هذه الآيات عن هذا الإنسان أنه سيموت على الكفر، وقد كان ذلك، وكم من إنسان كان في الظاهر مثله في الكفر ثم آمن.

٤ - في محور السورة من سورة البقرة ورد قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها وفي سورة الحج المبدوءة ب (يا أيها) ضرب الله مثلا بالذباب في قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وفي سورة المدثر ضرب الله مثلا بزبانية جهنم وعددهم، فمثال سورة الحج صاحبه غاية في الحقارة، ومثال سورة المدثر أصحابه غاية في العظمة والشدة، وشأن الله أن يضرب في كتابه المثل بهذا وهذا وغيرهما مما شاء، وفي كل مرة يضرب الله مثلا بشيء تكون المسألة على الشكل التالي:

فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا وكما قال تعالى في سورة المدثر: لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً* وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>